ردًّا على موجة الهُجوم الرّسمي السّعودي الحاليّة تمهيدًا للتّطبيع مع دولة الاحتِلال الإسرائيلي ليس لدينا ما نخسره وأنتم الخاسِر الأكبر

ردًّا على موجة الهُجوم الرّسمي السّعودي الحاليّة تمهيدًا للتّطبيع مع دولة الاحتِلال الإسرائيلي: ليس لدينا ما نخسره وأنتم الخاسِر الأكبر.

ردًّا على موجة الهُجوم الرّسمي السّعودي الحاليّة تمهيدًا للتّطبيع مع دولة الاحتِلال الإسرائيلي: ليس لدينا ما نخسره وأنتم الخاسِر الأكبر.

 تونس اليوم -

ردًّا على موجة الهُجوم الرّسمي السّعودي الحاليّة تمهيدًا للتّطبيع مع دولة الاحتِلال الإسرائيلي ليس لدينا ما نخسره وأنتم الخاسِر الأكبر

عبد الباري عطوان
عبد الباري عطوان

في تمّوز (يوليو) عام 2006، وبعد حواليّ ثمانية أيّام من بدء العُدوان الاسرائيلي على لبنان (12 تمّوز)، زار وفد سعودي برئاسة الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجيّة في حينها، العاصمة الأمريكيّة واشنطن، والتَقى الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن الذي فتح لهم البيت الأبيض يوم أحد بصفة استثنائيّة، وكان هذا الوَفد يضم الأمير بندر بن سلطان بن عبد العزيز، مُستشار الأمن القومي، والسّفير السّابق في أمريكا، والأمير تركي الفيصل رئيس الاستِخبارات الأسبق، وسفير بِلاده في واشنطن في ذلك التّاريخ.

بعد يومٍ واحد من هذا اللّقاء وصَل مبعوث خاص أرسله الأُمراء الثّلاثة إلى لندن، ليُوصّل رسالةً مُهمّةً إلى الرأي العام العالمي عبر وسائل الإعلام فيها، تقول إنّ هؤلاء أبلغوا الرئيس الأمريكي بأنّ السعوديّة و”إسرائيل” تقفان في خندقٍ واحد (In the same page(، وأنّ الأخيرة قدّمت خدمات استراتيجيّة للدّولة السعوديّة، عندما هزمت عدوّها الأكبر جمال عبد الناصر في حرب حزيران (يونيو) عام 1967، وأطاحت بعدوّها الثّاني صدام حسين بغزوها العِراق عام 2003، وها هي تستعدّ للقضاء على “حزب الله” عدوّها الثّالث في الحرب التي تشنّها على لبنان حاليًّا.
هذه الرّسالة مُوثّقةٌ في برنامج “نيوزنايت” الشّهير الذي تبثّه محطّة “بي بي سي” المحليّة النّاطقة باللغة الإنكليزيّة، وكنت مُشاركًا فيه في تلك اللّيلة لمُناقشة هذه الرّسالة ومعانيها، وأذكرها اليوم بمُناسبة الهُجوم الذي شنّه الأمير بندر بن سلطان على الشّعب الفِلسطيني وقِيادته عبر شاشة “العربيّة” شِبه الرسميّة، في ثلاثِ حلقات.
***
لن أُناقش في هذا المقال ما ورد في هذا الهُجوم الشّرس، ولكنّني أتوقّف عند أهدافه الحقيقيّة، وليس بهدف الدّفاع عن القِيادة الفِلسطينيّة الحاليّة أو السّابقة، فقد كُنّا من أبرز النّاقدين لها لمَواقِفها الرّخوة، واتّفاق أوسلو الكارثي الذي وقعت في مِصيدته، وحوّلها وقوّاتها الأمنيّة إلى حارسٍ لعدوٍّ ومُستوطنيه، وأدناه مُنذ اليوم الأوّل، وما زلنا، ورفَضنا دعوةً لحُضور حفل توقيعه في حديقة البيت الأبيض في واشنطن في 13 أيلول (سبتمبر)عام 1993، ومن المُؤسف أنّ السّلطة الفِلسطينيّة التي كانت الهدف الأكبر من هذا الهُجوم، ورئيسها، أو المُتحدّثين باسمها، وما أكثرهم، لم تتجرّأ على الرّد والدّفاع عن نفسها، ربّما حرصًا على فُتات المُساعدات التي تأمَل باستِمرار وصولها من الرّياض.
بدايةً نقول إنّ هذا الهُجوم الذي شنّه الأمير بندر، ومن على شاشةٍ تلفزيونيّةٍ رسميّةٍ، لا يُمكن أن يصدر بُدون مُوافقة رسميّة، وبطلبٍ من الأسرة السعوديّة الحاكمة، أو الجناح المُسيطر على شُؤون الدّولة وسِياساتها على وجه الخُصوص، بالنّظر إلى التّحشيد والحملة الترويجيّة الضّخمة له، وأنّ الهدف الأساسيّ منه هو التّمهيد للتّطبيع الرسميّ، والعلنيّ، مع دولة الاحتِلال الإسرائيلي والسّير على خُطى الدّول التي سارَت على هذا الطّريق ابتداءً من مِصر ومُرورًا بالأردن، وانتهاءً بدولة الإمارات العربيّة المتحدة ومملكة البحرين.
فاللّافت أنّ “مُعظم” هذه الدّول شنّت حملات تكريه وتهشيم للشّعب الفِلسطيني عبر وسائل إعلامها لشيطنة الشّعب الفِلسطيني وقضيّته تبريرًا لخطواتها التطبيعيّة هذه، ومن يعود إلى أرشيف الصّحف ومحطّات التّلفزة يجد الكثير من المواد التي تُؤكّد ما نقول، والحملة السعوديّة الإعلاميّة الحاليّة ليسَت استِثناءً للأسف.
فإذا كانت السّلطات السعوديّة الحاكمة تُريد التّطبيع، وتوقيع اتّفاقات “سلام” مع دولة الاحتِلال الإسرائيلي، فلتفعل وبدون اللّجوء إلى مِثل هذه الأساليب المَكشوفة، والهُجوم على “الضحيّة” التي تُقاوم باسم الأمّة وكرامتها وعقيدتها وحِماية مقدّساتها، وتعزيز ودعم الجلّاد وروايته، والدّفاع عن تاريخه الإجرامي غير المَسبوق في العالم بأسْرِه.
لا شكّ أنّ الشّعب الفِلسطيني وقضيّته سيَخسران مِن جرّاء هذا الموقف العَدائي السّعودي الرّسمي، فالسعوديّة تظل دولة إقليميّة كُبرى، وتحتل مكانةً مُهمّةً في العالمين العربيّ والإسلاميّ، والشّعب الفِلسطيني لا ينسى دعمها ومواقف مُشرّفة في تاريخها، أبرزها موقف شهيد القدس، الملك فيصل رحمه الله، وحظره للنّفط أثناء حرب أكتوبر عام 1973، ودفَع حياته ثمنًا لهذا الموقف، ولكن خسارة السّلطة السعوديّة ستكون أكبر بكثير، لأنّ مِثل هذه السّياسات والمواقف ستَفقِدها الكثير من الهيبة، وشرعيّة زعامتيها للحرمين الشريفين والعالم الإسلامي، وهذا ما لا نُريده لها وللشّعب السّعودي الطيّب، والشّريف، والدّاعم لقضايا أمّته.
***
نقطة واحدة مُهمّة وردت في حديث الأمير بندر بن سلطان، نجد لزامًا علينا التوقّف عندها، وهي تلك التي قال فيها إنّه “لم يبق للفِلسطينيين من أصدقاءٍ سوى تركيا وإيران”، وهذا كلام غير صحيح، وما كان يجب أن يصدر عن مسؤولٍ كبيرٍ مِثله، فمُعظم الدول العربيّة تدعم الشّعب الفِلسطيني، والدّليل رفض سِت دول عربيّة رئاسة جامعة التّطبيع العربيّة التي تُهيمن المملكة وبعض الدول الخليجيّة على شُؤونها، والعدد سيتزايد في قادم الأيّام، ولا نَعرِف لماذا يعتبر الأمير بندر صداقة دولتين مُسلمتين عيبًا يُعايرنا به، ألم يُكَن الرئيس التركيّ حليفًا للمملكة في حَربِها على سورية؟ ألم يكن هاشمي رفسنجاني الرئيس الإيراني ضيفًا عزيزًا على المملكة؟، فالدّولتان إسلاميّتان أيضًا، وكانتا حاضِنتين لأهم امبراطوريتين في تاريخ الشّرق الأوسط أحدهما إسلاميّة، وتجاوبت شُعوبهما بصدرٍ رحبٍ للدّعوة المحمديّة، والعقيدة الإسلاميّة، والآن يُعتَبرا صاحبتيّ أهم مشروعين للصّحوة في المِنطقة، وتحقيق الاكتِفاء الذّاتي في مجالات الاقتِصاد والتّصنيع الحربي، وتُجاهران بدعم القضيّة الفِلسطينيّة، والوقوف في الخندق المُعادي للمشروع الصّهيوني، وأحدهما، أيّ إيران، تُقدّم السّلاح وتِكنولوجيا الصّواريخ لحركة المُقاومة الفِلسطينيّة بعد أن تخلّى عنها بعض الأشقّاء العرب، واستطاعت هذه الصّواريخ تحقيق توازن الرّعب ودفع أكثر من ثلاثة ملايين مُستوطن إسرائيلي إلى المَلاجِئ في حُروبِ غزّة الأخيرة.
ربّما يكون الشّعب الفِلسطيني قد خَسِر بعض الحُكومات العربيّة، وفي مِنطقة الخليج بالذّات، ولكنّه قطعًا لم يخسر الشّعوب الخليجيّة والعربيّة، التي تَقِف الأغلبيّة السّاحقة منها، والشّعوب الإسلاميّة معها في خندقه، وهنيئًا للمُطبّعين القُدامى والجُدد العرب بصديقهم الإسرائيلي الجَديد، ودعمهم لأطماعه التوسعيّة التي تشمل الجزيرة العربيّة كلّها، وليس مكّة المكرّمة والمدينة المنوّرة فقط.. والأيّام بيننا.

 

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ردًّا على موجة الهُجوم الرّسمي السّعودي الحاليّة تمهيدًا للتّطبيع مع دولة الاحتِلال الإسرائيلي ليس لدينا ما نخسره وأنتم الخاسِر الأكبر ردًّا على موجة الهُجوم الرّسمي السّعودي الحاليّة تمهيدًا للتّطبيع مع دولة الاحتِلال الإسرائيلي ليس لدينا ما نخسره وأنتم الخاسِر الأكبر



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 03:04 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار مبتكرة لجعل مداخل المنازل أكثر جاذبية

GMT 11:39 2021 الإثنين ,27 أيلول / سبتمبر

القبض علي عملية هجرة غير شرعية في سواحل صفاقس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia