هل سوريا «مصيدة الذباب»

هل سوريا «مصيدة الذباب»؟

هل سوريا «مصيدة الذباب»؟

 تونس اليوم -

هل سوريا «مصيدة الذباب»

عبد الرحمن الراشد

منذ اشتداد المعارك قبل عام، تحولت سوريا إلى أكبر حرب في التاريخ المعاصر بين متطرفي السنة والشيعة، وحرب مفتوحة بين إيران ودول الخليج، ولا يزال الوضع كذلك. ومنذ ذلك الحين، ترددت طروحات مختلفة حول أسباب تخاذل الغرب، وتحديدا الولايات المتحدة، على الرغم من أنها كانت فرصة نادرة التقت فيها رغبة الطرفين؛ رغبة غالبية الشعب السوري الكاره لنظام الأسد، ورغبة الغرب منذ عقود في هزيمة إيران وحلفائها، مثل نظام الأسد في سوريا. لكن مر عامان، ومات مائة ألف إنسان، والحرب مستمرة. الغرب اكتفى بـ«إسهال» من التصريحات المنددة، وبتقديم القليل من العون العسكري. من الطروحات التي راجت «مصيدة الذباب» ضد الإرهاب؛ نظرية تدعي أن حرب سوريا مثل قالب السكر، تُركت حتى تغري أسوأ المتطرفين الإسلاميين؛ سنة وشيعة، ليأتوا من أنحاء العالم ويتقاتلوا هناك. وهكذا اصطف سنّة «القاعدة»، من «جبهة النصرة» و«أحرار الشام»، ضد شيعة «حزب الله» و«عصائب الحق» العراقية و«فيلق القدس» الإيراني. «مصيدة الذباب» تلائم خيال الذين يؤمنون بنظرية المؤامرة، وسبق أن شاعت في بداية غزو العراق؛ بأن الغزو مصيدة لإغراء «القاعدة» بالقتال على أرض بعيدة عن الولايات المتحدة. طبعا لا منطق فيها، لأن عدد قتلى الأميركيين في العراق فاق قتلى هجمات 11 سبتمبر (أيلول) الإرهابية. إنما الغياب الأميركي غير المألوف أثار كثيرا من التكهنات، لأن الأميركيين عادة حاضرون ومؤثرون في اشتباكات المنطقة؛ فهم من رجح كفة صدام حسين في حرب الثماني سنوات ضد إيران. وفي أسبوعين، طردوا قوات صدام من الكويت. وبحرب ضخمة، قضوا على قيادة «القاعدة» في منطقة الشرق الأوسط. في المقابل، أخفق الأميركيون أمام إرهاب النظام الإيراني الذي انتشر مثل الوباء، منذ أول عملية نوعية لحزب الله، نفذت تحت اسم «الجهاد الإسلامي» في بيروت عام 1983، استهدفت مقر المارينز، وقتل فيها 241 شخصا، إلى تفجير الخبر في السعودية عام 1996، الذي راح فيه 16 أميركيا، وعمليتين في الأرجنتين، والعديد في أوروبا وآسيا، ومن خطف طائرات إلى اغتيال دبلوماسيين. تقريبا كلها كانت تدار من قبل إيران. على خطى «حزب الله» نفسها، سار تنظيم «القاعدة» ضد مصالح وأهداف غربية. الآن في سوريا تتقاتل هذه الجماعات لأول مرة بعد أن كانت متحالفة. فإذا كان صحيحا أن قالب السكر السوري جذب آلاف المتطرفين يقتلون بعضهم بعضا، فمن الخطأ الشنيع أن يراهن أحد على أن تقاتلهم في سوريا سيقضي على التطرف وتنظيماته، بل العكس هو الصحيح؛ يتوالدون مثل الذباب. لقد تسبب ترك المأساة السورية الإنسانية تدمى عامين ونصف العام تقريبا، في توسيع دائرة العنف والتطرف، وأحيا من جديد تنظيمات ضعفت، وبدأت تذبل مثل «القاعدة»، ونشطت جماعات محاصرة مثل «حزب الله» و«فيلق القدس». ولأن المال والرجال أرخص شيء في منطقة الشرق الأوسط، فإن الأزمة ستتعاظم حتى تصبح أكبر خطر إرهابي على العالم، وستصبح سوريا بؤرة أعظم مما شهدناه في أفغانستان ولبنان والصومال واليمن مجتمعة. وحتى لا يزيد عدد الذباب ويتوالد، على العالم أن يساند الفريق المعتدل، مثل الجيش الحر والائتلاف، ليكون نواة دولة سورية مستقبلية مسؤولة، حديثة ومعتدلة، تنقذ الشعب السوري من مأساته المروعة، وتحرس العالم من تبعات حروب المتطرفين مستقبلا. نقلا عن جريدة الشرق الاوسط

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل سوريا «مصيدة الذباب» هل سوريا «مصيدة الذباب»



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 00:00 2016 الخميس ,22 كانون الأول / ديسمبر

عليك النظر إلى المستقبل البعيد واختيار الأنسب لتطلعاتك

GMT 04:00 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

مستقبل إردوغان

GMT 13:21 2021 الخميس ,22 إبريل / نيسان

عملاق صيني للطرق الوعرة سيظهر العام الجاري

GMT 11:08 2021 السبت ,05 حزيران / يونيو

شركة كيا تكشف عن النسخة الأحدث من طراز K5

GMT 12:43 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة شخص وإصابة 2 بتصادم 3 سيارات في دبي

GMT 06:02 2012 الإثنين ,31 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق تعاون بين الأردن والكويت

GMT 12:58 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

آلات قطر الإعلامية والدينية.. والتحريض على مصر وجيشها

GMT 07:04 2021 الجمعة ,29 تشرين الأول / أكتوبر

كثرة التنقل
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia