لماذا تسكت تركيا

لماذا تسكت تركيا؟

لماذا تسكت تركيا؟

 تونس اليوم -

لماذا تسكت تركيا

عبد الرحمن الراشد

القوة المؤثرة القادرة فعلا على إسقاط النظام السوري، ومحاصرة الجماعات المتطرفة في سوريا، والقادرة على دعم النظام العراقي وحماية إقليم كردستان العراق، هي تركيا. مع هذا امتنع الأتراك عن فعل شيء مهم، وبسبب ذلك بقي نظام الأسد يعيث ويقتل على مدى أكثر من 3 سنوات، وانتشرت الجماعات المتطرفة، وبقي ظهر إقليم كردستان عاريا بلا حماية.

فلماذا ترفض أنقرة أن تلعب دورا حاسما، وتترك الساحة للآخرين؟

هل تخشى من التورط العسكري؟

سوريا على حدودها، وما يجري هناك يمس أمن تركيا أكثر من السعودية والخليج وإيران، ومع هذا فإنها أكثر ترددا، حتى إن إيران أرسلت قوات من الحرس الثوري يقاتلون في صفوف نظام الأسد، ويقومون بتزويده بكل شيء من المال والمدافع والخبز، أما الحكومة التركية فإن دعمها حذر ومحدود، فتحت الحدود للمقاتلين مع شيء من الرعاية السياسية والعسكرية.

فقط انحازت أنقرة سياسيا مع الثورة السورية، لكنها عطلت قدرتها العسكرية الضخمة عن التدخل، تاركة الجارة المهمة مسرحا للقوى الإقليمية والكبرى يلعبون على حساب السوريين وعلى حساب مصالح تركيا. ولو أن الأتراك نفذوا وعيدهم المتكرر، وساعدوا على إسقاط نظام الأسد، لأصبحت أنقرة العاصمة التي تدار منها الحلول المستقبلية، بدلا من الفوضى التي نراها اليوم. ولا يستطيع بلد أن ينازع تركيا هذا الحق، حق التدخل، بحكم الجيرة، فهي أكبر الدول المجاورة، والأقرب للأغلبية السنية، والأقرب أيضا للأقلية العلوية، عدا عن الرابطين التاريخي والاقتصادي.

لا ينقص الأتراك الذريعة للتدخل، بل سيجدون دعما دوليا كبيرا، وشعبية واسعة في العالم الإسلامي. لقد تحرش النظام السوري بتركيا عدة مرات، وقصف أراضيها، وأسقط لها طائرة، واختطف ناشطين سوريين من داخل أراضيها، وقتل مواطنين أتراكا على أراض سورية. هل هناك محظور قانوني يردعها؟ الولايات المتحدة ردت على دمشق، التي وصفت نشاط التحالف العسكري في أجوائها، بأنها خرق للسيادة، قائلة إنه لم يعد هناك نظام له شرعية في سوريا، ومن حق أي دولة الدفاع عن مواطنيها في حال عجزت السلطة المحلية عن بسط نفوذها. تدخلت بعد قتل رهائن أميركيين وبريطانيين، واعتبرته مبررا كافيا لملاحقة الجماعات المسلحة، دون الحاجة إلى موافقة السلطات السورية، أو إذن من مجلس الأمن.

لقد خيبت تركيا آمال ملايين السوريين الذين رفعوا العلم التركي منذ بداية الثورة، آملين أن تنجدهم حكومة أنقرة، وأحبطت مشاعر ملايين العرب الغاضبين الذين صاروا يتطلعون لدعم فرنسا وبريطانيا، بعد أن أصبحت الوعود التركية بلا معنى. وقد استغل الإيرانيون هذا العجز التركي وفضحوه عربيا، حيث قام بالتشهير بالأتراك حسين أمير عبد اللهيان، الذي قال إن الحكومة الإيرانية حذرت الحكومة التركية من أي تواجد عسكري بري في سوريا، ومن أي عمل يؤدي إلى تغيير جذري في سوريا!

ما قيمة تركيا العسكرية إذا كانت لا تستطيع أن تنجد شعبا ذبح منه ربع مليون إنسان؟ لماذا تكون عضوا في حلف الناتو الغربي وتشاركه التوازن الاستراتيجي ضد الروس وهي تعجز عن حسم نزاع إقليمي على حدودها؟ لماذا تسكت على تدخل الإيرانيين الصارخ في سوريا وهي أقوى وأكبر وأقرب جغرافيا؟ تركيا التي أدبت في التسعينات الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، عندما أخافته بتحريك بضع دبابات باتجاه المنفذ الحدودي السوري باب الهوى، وسارع الأب الأسد بعدها إلى تسليم المعارض التركي المطلوب عبد الله أوجلان. الآن يموت آلاف السوريين الأبرياء، ويقتل عشرات الأتراك، وأنقرة تكتفي بالتهديدات الكلامية.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا تسكت تركيا لماذا تسكت تركيا



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia