الحل منع الأحزاب الإسلامية

الحل.. منع الأحزاب الإسلامية

الحل.. منع الأحزاب الإسلامية

 تونس اليوم -

الحل منع الأحزاب الإسلامية

عبد الرحمن الراشد

 ليس سهلا على أي شخص يؤمن بحق الغير في المشاركة أن ينتهي بمثل هذا الاستنتاج؛ السياسة في المنطقة العربية لن تتطور، ولن تستقر أوضاعها، دون منع استخدام الدين في السياسة. ولدينا تجربة طويلة تبرهن على فشل ترويض الجماعات الإسلامية السياسية للتحول إلى العمل المدني. والإشكال ليس في أن جماعات إسلامية كونها متطرفة أو متسامحة، بل في استخدام الدين سياسيا، أو استخدام السياسة لتمكين فريق ديني من الحكم دون غيره.

تكرر الفشل الحزبي الديني في مصر والسودان وغزة وإيران والعراق، وذلك غالبا نتيجة أن السياسة تعمل في مجالات مدنية متغيرة الظروف والأحكام. لقد عجز السياسيون من إخوان مسلمين وسلفيين عن تطويع أنفسهم، وعندما يفعل البعض ذلك يجد على يمينه من يكفره ويخرجه من الحزب والدين. الإخواني المصري عبد المنعم أبو الفتوح قدم برنامجا مختلفا قليلا عن حزبه الرئيسي ليتم إقصاؤه، ويُتهم بالخروج على الجماعة، في وقت يصعد سلم حزب الإخوان شخصية متطرفة مثل خيرت الشاطر نتيجة المزايدة والتشدد الديني في طروحاته.

ليس صدفة أن كل المجتمعات التي نجحت ديمقراطيا هي تلك التي منعت استخدام الدين والوطنية. فأغلبية الناس مؤمنون، ووطنيون أيضا، ولا يقبل أن يوجد حزب يكفر غيره، أو حزب يخون الآخرين. فالأكثرية متدينة وتحب أوطانها، وبوجود جماعة ترفع شعار الدين حزبيا هي عمليا تستغل الإسلام مثلا، الذي هو «العلامة التجارية» المملوكة للأغلبية الساحقة، وليس حقا خاصا بجماعة دون أخرى. وكذلك تلك التي تدعي الوطنية وتخون غيرها، كما كانت تفعل الأحزاب البعثية والقومية الفاشية في العراق وسوريا.

بإمكان الأحزاب والسياسيين أن يتنافسوا في طرح مشاريعهم المختلفة، تلك التي تقوم على برامج تنموية أو توجهات دينية محافظة أو اقتصادية، أو شكل النظام السياسي، أو أن تركز على شؤون داخلية أو خارجية، والقائمة طويلة. الإخوان المسلمون جماعة سياسية لكنها تميز نفسها عن الأحزاب المصرية الأخرى أنها حزب خاص بالمسلمين!

في الولايات المتحدة، معظم رؤساء الجمهورية يذهبون للصلاة في الكنيسة كل يوم أحد، متأبطين الإنجيل وممسكين بأيدي أطفالهم، فهم مؤمنون بشكل عام، وهو سلوك منتظر من الرئيس في مجتمع غالبيته مسيحيون. وبالتالي التدين أو الإيمان ليس محل السؤال، فمعظم السياسيين مؤمنون لكن يتم انتخابهم وفق مواقفهم من القضايا المختلفة، بما فيها تلك التي ربما فيها طرح ثيولوجي، مثل الإجهاض. والناخبون، أي عامة الناس هم الذين يقررون من يختارونه من المرشحين وفق برنامجهم وليس مسيحيتهم أو إسلامهم. في الديمقراطية لا توجد أحزاب سياسية تدعي أنها تمثل الدين، ولا أحزاب تزعم احتكار الوطنية وترفض وطنية غيرها.

وها نحن نرى أمام أعيننا جماعات دينية متعددة متناحرة، إخوانية ذات ألوان متعددة بعضها في غاية التطرف، وسلفية أيضا بدرجات مختلفة بعضها مثل السلفية الجهادية تؤمن بالقتل للوصول إلى الحكم، وهناك سرورية وصوفية وشيعية، وهي جميعا تتشظى إلى أحزاب أصغر. وهذه من سمة الأحزاب الآيديولوجية، مثل الشيوعية.

وهناك من يشير إلى تجارب حزبية إسلامية ناجحة، مستشهدين بحزب «النهضة» في تونس، و«العدالة والتنمية» في تركيا، ونحوها. أولا، عدد الأحزاب التي ولدت وعاشت واستمرت قليلة جدا، وهي الاستثناء. ثانيا، كلها ذات نماذج ليبرالية إسلامية أقرب في تفكيرها وتوجهاتها إلى الغرب. 

لا يقبل المتحزبون الإسلاميون العرب أفكار أحزاب مثل «العدالة والتنمية» التركي. ونتذكر ماذا حدث لرئيس وزراء تركيا رجب طيب إردوغان عندما زار القاهرة مباركا لزميله حزب الإخوان المصري بفوزه بالحكم، وعندما نصحهم بتبني النموذج التركي شن عليه الإخوان هجوما واسعا، حتى إن المتحدث باسم الجماعة محمود غزلان انتقد ضيفه علانية في الإعلام، وقال إن تجارب الدول الأخرى لا تستنسخ، معتبرًا نصيحة رئيس وزراء تركيا للمصريين تدخلاً في الشؤون الداخلية للبلاد. كان إردوغان أوصاهم بالعمل في ظل نظام علماني يسمح للجميع بممارسة حقوقهم ونشاطهم. ومعظم المثقفين الإسلاميين العرب الذين يمتدحون إردوغان، ويتباهون بنجاحات حزبه، يتعمدون عدم الحديث عن ماهية أفكاره وتطبيقاته، لأنهم يعلمون أنها ضد طروحاتهم المحلية.

وقد يسأل أحدهم، إذن كيف نطالب بمنع قيام الأحزاب الإسلامية ونعترف بنجاح «العدالة التركي»؟ السبب يكمن في برنامج الحزب ومشروعه المعلن، فهو أقرب إلى الحزب المحافظ منه إلى الحزب الديني مثل حزب الإخوان المصري، «الحرية والعدالة»، أو الأحزاب الدينية في إيران وباكستان. ولو غيّر إردوغان مسار الحزب من سياسي إلى ديني، فإنه على الأرجح سينتهي كما انتهت الأحزاب الثيولوجية الأخرى، بالصدام مع غيرها، وإجهاض التجربة الديمقراطية.

 وليس غريبا أن تتبنى بعض الأحزاب الغربية أفكارا دينية أو محافظة، مثل موقفها ضد الإجهاض، وهذا لا يجعلها دينية، بل هذا جزء من مشروعها السياسي المحافظ العام. المحظور على الأحزاب استخدام الدين في شعاراتها، أو وعودها، لأن ذلك فيه استغلال لدين الأغلبية ضد بقية المنافسين. فأغلبية الليبراليين واليساريين والقوميين يؤمنون بنفس الدين، وربما هم أكثر تدينا. أما بالنسبة لحزب «النهضة» التونسي فمن المبكر الحكم عليه، لأن بعض قياداته تحاول بحذر أن تنقل الحزب من الطرح الديني إلى مشروع مدني محافظ. فمعظم قيادات الحزب لا تزال تفكر مثل بقية الإخوان المسلمين، حيث تدعي أنها تحمل رسالة لأسلمة المجتمع، وتنحو إلى تكفير الغير في سبيل إقصاء المنافسين.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحل منع الأحزاب الإسلامية الحل منع الأحزاب الإسلامية



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia