أم العلل

أم العلل!

أم العلل!

 تونس اليوم -

أم العلل

عبد الرحمن الراشد

في القمة الحكومية التي تعقد في مدينة دبي، واستقطبت نجوم السياسة وعلماء الإدارة من كل مكان، كان للتعليم حظ بالحديث عنه، وقرأت بعض ما قيل، وما اعترف به عدد من المتحدثين أنه سبب الأزمات، وفي الوقت نفسه إصلاحه هو مفتاح التطور الحقيقي للإنسان العربي.
والتعليم الرديء، أسوأ من الأمية، لأنه يوهم بالقدرة وهو عاجز، ويصبح مصدرا لنشر الأمراض الاجتماعية، بما فيها العنف والتطرف، وسوء الممارسة، وتجهيل بيئة العائلة والحي والمدينة. ومعظم ما نلقمه للطلاب اليوم تعليم رديء، والنتيجة مخرجات تجدونها أمامكم تمشي على أقدامها، وبالملايين من الناس. وقد لا يكون الفارق بين التعليم الجيد والتعليم الرديء كبيرا، مجرد قرارات حكومية، أما الجهد والتكلفة فهما نفسهما، والنتائج مفجعة على كل المستويات.
ولأن التعليم عندنا رديء، ليس غريبا أن لدينا أكثر إصابات لحوادث السيارات، وأكثر مرضى بالسكر، وأكثر تبذير للأموال، وأكثر خدم في المنازل، وأكثر هضم لحقوق النساء والخدم، وأكثر انتشار لخرافات السحر والشعوذة، وأكثر دعم للرز والطحين والإبل والبنزين، وأكثر رغبة في الهروب للخارج، وأكثر عدد من المهاجرين، وأكبر بطالة مقنعة، وأضعف قدرات عسكرية، وأقل مداخيل للفرد، والقائمة أطول من هذه الزاوية.
ولا أظن أن هناك من يجهل المشكلة الحضارية في المنطقة العربية، وهي التعليم الرديء «أم العلل»، مع هذا فإن القلة من الحكومات تحاول أن تفعل الكثير لإحداث ثورة لتغيير الوضع. وقد كتبت من قبل، مقالا عن فرحتي وخيبة أملي، عندما رأيت كيف قام مخططو التعليم في السعودية بتوزيع الثمانين مليار ريال التي خصصها الملك عبد الله رحمه الله لتطوير التعليم، حيث قرروا إنفاق معظمها على عقارات ومكافآت، بعنوان «نريد تطوير التعليم لا تجميله»
وهنا، عسى أن يعيد الوزير الجديد، الصديق القديم، الدكتور عزام الدخيل، النظر تماما فيما سبق وأعلن العام الماضي حيال مشروع تطوير التعليم. ينبغي أن تنفق معظم الأفكار والجهود والأموال على تطوير التعليم، مثل التعليم إلكترونيا وليس على الأبنية. وأتمنى من دول الخليج مجتمعة، على اعتبار أن عندها أموالا مثل الرز، أن تخصص كل ما تستطيع لبناء مشروع تعليم إلكتروني، لا يساعد فقط طلابهم وطالباتهم، بل كل المائتي مليون شاب وفتاة عربية، حيث يشتركون معهم في الأزمات الثقافية والتعليمية والاقتصادية، ويتطلعون مثلهم لمستقبل أفضل. هذا التعليم المبرمج يمكن أن يكون مشروعا حضاريا يغير المنطقة، يساعد على الخروج من النفق المظلم الطويل، وتصبح المناهج متقاربة.
مثل هذا المشروع يعوض النقص، حيث لا توجد معامل، ولا مختبرات، ولا مكتبات، ولا مدرسون أكفاء، ولا مدارس مجهزة. ويبقى التعليم الإلكتروني أحد الحلول النوعية التي يمكن أن تعوض عن هذه النواقص. ويتبقى على مخططي التعليم وقياداته البحث في كيفية التركيز على التعليم النوعي، مستفيدا من تجارب الدول الأخرى، وليست الدول المتقدمة في تعليم العلوم والرياضيات غربية، بل تتقدمها سنغافورة وهونغ كونغ وكوريا الجنوبية واليابان. الحل والتغيير قد يتطلبان بالفعل خمسين عاما، ولا بد أن يبدأ السياسيون الطريق بالتعرف على جذر الأزمات، والعمل جماعيا لإصلاح التعليم، من أجل إصلاح المجتمع والانتقال إلى مستقبل أفضل.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أم العلل أم العلل



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia