دومينو الربيع البريطاني

دومينو "الربيع البريطاني"

دومينو "الربيع البريطاني"

 تونس اليوم -

دومينو الربيع البريطاني

بقلم : عبد الرحمن الراشد

هناك الكثير يقال حول صدمة الخروج البريطاني له علاقة أيضا بأوروبا والعالم، وليس فقط مسائل صغيرة مثل التأشيرة والجمارك. يمكن أن تتغير خريطة القارة الأوروبية، والاتحاد، والعلاقات بين الدول الأعضاء، والتحالفات الخارجية. مثلاً، هل توقظ انتفاضة البريطانيين ضد «نظام الاتحاد الأوروبي» رغبات بقية القوى المتململة الأوروبية الأخرى، وتغير الجغرافيا السياسية؟ كلها أحجار دومينو تتكئ على بعضها البعض. التغيير يجلب الفوضى هذا ما تعلمناه حتى في المناطق الأكثر استقرارا وثراء.

نزعات الحركات الانفصالية موجودة في القارة لكنها نامت مع ظهور الاتحاد. يتقدمها إقليم الباسك الإسباني، فهل تعود القلاقل من جديد؟ هل يرتد الانفصال على كيان بريطانيا نفسه، وتطلبه اسكوتلندا، وتنهي ثلاثمائة سنة من الوحدة مع لندن؟ هل تتبدل العلاقات السياسية وينتهي الدور البريطاني أميركيا في أنحاء العالم، بعد أكثر من مائة عام من العلاقة الخاصة؟ هل تنسحب دول رئيسية أخرى من الاتحاد الأوروبي وتتسبب في إضعافه؟ هل يمكن للاتحاد الأوروبي كله أن ينهار نتيجة فتح باب الخروج لبريطانيا؟  هل تستغل روسيا الفرصة وتوسع نفوذها أوروبيا، بخروج بريطانيا الذي أضعف «محور الممانعة» ضد موسكو داخل الاتحاد؟ وأخيًرا، في عصر بروز دول اقتصادية كبرى، الصين والهند، هل تضعف أوروبا، خاصة في ظل وجود تيار داخل الولايات المتحدة يميل للتقارب عبر المحيط الهادي والآسيوي على حساب علاقاتها مع المحيط الأطلسي؟

عادة الأحداث الكبيرة لا تقف عند حدودها، مثل شقوق الزلازل. هذا ما قد يفعله قرار بريطانيا بالانسحاب من الاتحاد الأوروبي. فهي دولة رئيسية ومؤثرة في الاتحاد والقارة البيضاء، وسيخلف خروجها فراغا ما، الذي تقاس تأثيراته خلال السنوات القليلة المقبلة.

البريطانيون عندما صوتوا انقسموا تقريبا إلى النصف بين مؤيد للبقاء أوروبيا، معظمهم من سكان المدن الكبرى والشباب، وبين راغب في الخروج من الاتحاد، ومعظمهم في الأرياف ومن كبار السن. والبريطانيون عموما لا يعتبرون أنفسهم أوروبيين كثيرا، رغم أنهم كانوا قوة مهمة داخل الاتحاد وداخل القارة. شعورهم التاريخي أقرب إلى منظومة الكومنولث، وهي حاليا 53 دولة، معظمها من مستعمرات الإمبراطورية البريطانية السابقة، لكنه صار قليل الشأن، وعلاقات دوله بين بعضها بروتوكولية.

الخروج من أوروبا ربما يكون مريحا للبريطانيين، من حيث إنه يغلق الباب أمام المهاجرين من دول أوروبا الفقيرة، لكنه لن يوقف الهجرة غير الشرعية. والخروج سيوفر على البريطانيين تكاليف عضوية الاتحاد لكنه سيفقدهم فرص الأسواق المجاورة الضخمة. عملًيا، بريطانيا أصبحت أصغر اليوم مما كانت عليه الأسبوع الماضي، كانت جزءا من أربعة ملايين كيلومتر مربع، هي مساحة الاتحاد الأوروبي. اليوم تقلصت إلى نحو ربع مليون كيلومتر مربع.

وهناك خطر أن تتقزم أكثر، فطلاب الانفصال في اسكوتلندا، يتوعدون بأنهم خلال السنوات القليلة المقبلة، بإجراء الاستفتاء والاستقلال والخروج من المملكة المتحدة التي تتشكل من «دول»، وليست أقاليم أو ولايات، بخلاف معظم أنظمة العالم. اسكوتلندا «دولة»، مساحتها سبعون ألف كيلومتر مربع، أي نحو نصف مساحة جارتها إنجلترا. وفي الماضي القريب كّنا نقول: إن خطر تفكك بريطانيا أمر مستبعد بوجودها في الاتحاد الأوروبي الذي همش المشاعر القومية الانفصالية، لكن خروجها من الاتحاد أيقظ الحنين عند الفئات المحلية التي تنشد الاستقلال، وإن جاء ذلك على حساب المصلحة الجماعية. فالانفصال ليس في صالح الاسكوتلنديين أيًضا الذين لا يتجاوز عددهم الستة ملايين فقط، إنما الاستفتاءات الانتخابية تلعب على العواطف أكثر مما تقدر وتراعي المصالح الحقيقية للأمم.

وقد لا يتوقف تساقط أحجار الدومينو عند هذا الحد بل يهدد كل الوضع الذي تشكل بعد نهاية الحرب العالمية الثانية. ومراقبة السلوك الروسي في التعامل مع الفراغ البريطاني في أوروبا يوحي بذلك، وسيعطينا قراءة أوضح لما قد تكون عليه نوايا المستقبل القريب. فاهتمام الأميركيين بالتقارب مع الصين والهند سيدفع الروس غربا، نحو أوروبا. وهناك مصالح تجارية روسية كبيرة تنمو مع دول، مثل ألمانيا، قد تبدل التحالفات السياسية في القارة الأوروبية، وتؤثر على محيطها، مثل منطقة الشرق الأوسط. وخروج بريطانيا أضعف المعادلة الأوروبية بشكل عام، أكثر من أي دولة أخرى يمكن أن تفعله. خروجها سلبي على الأوروبيين بشكل عام لكنه في جانب واحد ربما يكون إيجابيا، قد يصحح أسلوب الاتحاد الأوروبي في التعامل السياسي مع دول العالم. يقول أحد السياسيين الخليجيين، فشلنا في إبرام اتفاقية جماعية حول البتروكيماويات بسبب إقحام الأوروبيين القضايا السياسية في المفاوضات. وهناك من يرى أن اليسار الأوروبي مسؤول عن الأزمة لأنه لا ينظر إلى أوروبا كعمل اقتصادي بالدرجة الأولى، وهو الأساس الذي بنيت عليه اتفاقيات الاتحاد، بل يريد السيطرة عليها سياسيا وبيروقراطيا.

الله أعلى وأعلم ما سيحدث انا أحد سكان بريطانيا والناس متخوفين جدا من النفق المظلم الذي دخلوا فية.بس الغريب في الأمر أن سكان برمنجهام ذو الأغلبية الشبابية من الآسيويين صوتوا للخروج ولا أحد يعرف ماهو الدافع وكانت فعلا صدمة كبيرة جدا علما بأن الآسيويين يشكلون 35% من سكان برمنجهام أما دون الأربعين فيشكلون 50% من عدد الشباب

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دومينو الربيع البريطاني دومينو الربيع البريطاني



GMT 08:13 2021 الثلاثاء ,07 كانون الأول / ديسمبر

تصفير الخلافات منذ اتفاق العلا

GMT 08:13 2021 السبت ,04 كانون الأول / ديسمبر

«البوليفارد» مسرح التغيير الكبير

GMT 08:27 2021 السبت ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

صعود القذافي الابن

GMT 07:39 2021 الأحد ,31 تشرين الأول / أكتوبر

بين الرياض وبيروت

GMT 04:28 2021 الخميس ,30 أيلول / سبتمبر

الخلاف حول اليمن

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia