الجهاد ضد دعاة «الجهاد»

الجهاد ضد دعاة «الجهاد»

الجهاد ضد دعاة «الجهاد»

 تونس اليوم -

الجهاد ضد دعاة «الجهاد»

عبد الرحمن الراشد

الزميل الأستاذ داود الشريان فتح النار على دعاة الجهاد، الذين عرفناهم يضحون بأبناء غيرهم. ومع أن الكثيرين انشغلوا بالجدل حول دلالة كلمة الجهاد نفسها دينيا، ومحل استخدامها سياسيا، إلا أن الجانب الأهم أن بعض الدعاة سارعوا ينفون: «نحن لم ندعُ للجهاد، ولم نحرض أحدا». حتى إن أحد الدعاة المتطرفين كتب يعلن براءته، قال إن من اتصل به من الشباب يطلب الفتيا للسفر للجهاد في سوريا، نهاه وحضه على عدم الذهاب! وإنه كان حريصا على أن يبين للشباب المتحمس الغاضب أن في سوريا ما يكفي من الرجال الراغبين في القيام بواجب محاربة نظام الأسد! وإن كانوا صادقين فهو توجه محمود، وتبدل مهم. إنما هناك دعاة متورطون، يريدون نقل الملامة على الحكومات، معهم في نفس الخندق، وبعضهم يدعي أنه واجبهم الديني، وهؤلاء بالطبع أخطر. الهدف ليس التشهير بالدعاة، بل وضع الأمور في نصابها. هل من حرض وأرسل شابا سعوديا أو كويتيا للقتال في سوريا وعاد في كفن يعتبر شريكا في قتله، أم أنه مجرد واعظ، والتحريض وعظ ديني، لا يتحمل قائله أية مسؤولية؟ التحريض والتعبئة جريمة مهما كانت لغتها، دينية أو وطنية، فيها دفع الغير إلى ارتكاب جرائم القتل. والفارق بين الجهاد وجريمة القتل في التشريع والقرار. لك أن تدافع عن بلدك، وأهلك، في غياب وجود نظام شرعي ومدني. الدعاة ليسوا أصحاب حق في إعلان الجهاد متى ما شاءوا وإلا أصبح العالم فوضى. صاحب الحق في إعلان الحرب هو الدولة والمؤسسات الشرعية. فالمقاتلون الذين أرسلوا إلى العراق، والآن إلى سوريا، ليسوا طرفا في الحرب. خرجوا للقتال بتحريض من دعاة ومشايخ أفتوا لهم، وآخرون مولوهم. والآن عاد بعضهم قتلى، ورفع بعض ذويهم يريدون من حكوماتهم أن تأخذ بحقهم ممن حرض أولادهم، وأرسلهم للموت هناك. المشكلة ليست سوريا وحدها، فالمآسي في العالم كثيرة، ولا يعقل أنه في كل حرب يغرر الدعاة على المنابر، أو بالتسجيلات، يعلنون النفرة للقتال، من أفغانستان إلى البوسنة، والصومال، والشيشان، والعراق، واليمن الآن، وغدا بورما وغينيا، وقائمة التحريض تطول. بعض الدعاة المحرضين يظنون أن ذاكرة الناس قصيرة، فقط لأنهم قرروا في الأشهر القليلة الماضية التراجع والتزام الصمت. أما لماذا تراجع هؤلاء شجعان القول فلأنهم خافوا من عواقب التطورات الأخيرة، فقد ارتفعت دعوات الأهالي المكلومين بفقدان أبنائهم يتهمونهم، ويناشدون محاسبتهم، وبعد أن أذاعت الدول الكبرى أنها ستضعهم على قوائم ملاحقة خاصة، وسترصد أموالهم وحساباتهم. وهدف إرسال الشباب للخارج للجهاد ليس حقا لقتال نظام الأسد، بل ينتهي بهم جنودا في تنظيم القاعدة. وبسببهم عادت تنظيمات الإرهاب أقوى مما كانت عليه، تنتشر في كل المنطقة. ومع أن أكثرهم يفاخر بأنه سيقاتل نظام الأسد إلا أننا نفاجأ بأنهم في «داعش» في العراق وسوريا. تحرير الشعب السوري من مأساته وإسقاط نظام الأسد هدف يستحق أن يبذل من أجله كل شيء، لكن هذه الأهداف السامية لا علاقة لها بأفكار الجهاديين الذين يركبون الموجات السياسية، ويركضون نحو مناطق الفوضى، ويرفعون رايات إسلامية، وهم في الحقيقة ليسوا إلا كتائب ذبح لا تقل شرا وأذى عن نظام الأسد نفسه.  

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجهاد ضد دعاة «الجهاد» الجهاد ضد دعاة «الجهاد»



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia