تكاليف أزمة خاشقجي ومآلاتها

تكاليف أزمة خاشقجي ومآلاتها

تكاليف أزمة خاشقجي ومآلاتها

 تونس اليوم -

تكاليف أزمة خاشقجي ومآلاتها

عبد الرحمن الراشد
بقلم : عبد الرحمن الراشد

كنت كتبت هذا المقال قبل الحسم الذي أعلن في البيانات السعودية بإعلان وفاة الزميل جمال خاشقجي رحمه الله. كان عندنا بصيص أمل، أن يظهر وانطفأ. وما أعلن من تفاصيل وعقوبات شملت قيادات وجهازاً أمنياً رفيعاً مثل الاستخبارات العامة، يقسم الجميع إلى فريقين. الذين يريدون حل القضية بمعاقبة المخطئ والانتقال إلى مرحلة أخرى، والذين يريدون استغلالها ضد السعودية.
في أزمة خاشقجي انقاد كثير من الحكومات والمؤسسات وتبنت مواقف قاسية ضد السعودية، ولا شك أن أزمة خاشقجي كلفت المملكة الكثير. مع هذا، ورغم المواقف والانسحابات، والاعتداء الإعلامي المستمر، ستبقى السعودية دولة محورية مؤثرة وستبقى لها أدوار وعلاقات واسعة، وسيدوم نفوذها الإقليمي. ستتأثر لكنها لن تتعطل، تمليها المصالح العليا للدول ورغبة السعودية أيضاً. أولاً، لا يمكن الاستغناء عن البترول السعودي، مصدر الحياة للاقتصاد العالمي، الضروري والأكبر تصديراً في العالم. لا يمكن إلغاء تأثيرها الجيوسياسي في المنطقة، فالجغرافيا هي الحقيقة الثابتة في عالم السياسة. ولا يمكن إلغاء نفوذها الديني كونها قبلة أكثر من مليار مسلم. كما أنه لا يمكن إلغاء دورها الإقليمي لاعتبارين مهمين؛ واحد أن المنطقة منقسمة إلى معسكرين أساسيين، وآخر أنها ممول لكثير من دول ومؤسسات المنطقة التي لن يكون سهلاً على الآخرين التكفل به. باختصار شديد، إضعاف السعودية سيوسع دوائر القلاقل والفشل في المنطقة.
بعد أن كنا مصدومين من اختفاء خاشقجي صرنا مصدومين من الحملة والاستهداف للسعودية. يمكن تفهم المطالب بالتحقيق، لكن ليس إلى درجة استباقها بالعقوبات مثل الانسحابات والمقاطعة السياسية. نتفهم أن المجتمع الدولي ينظر الدول ويصنفها وفق مراتب مختلفة، وهم يعتقدون أنهم يحاسبون السعودية على سمعتها الأفضل من كثير من دول المنطقة، وهي الأزمة الأولى من نوعها منذ السبعينات، وإن ما هو متوقع منها أكثر بكثير من نظام مثل طهران أو دمشق. مع أنها مقاييس لا تضع في الاعتبار طبيعة المنطقة المتوحشة والدسائس الخطيرة المستمرة تبقى مقبولة، لو أنها لم تضخم وتحول إلى قضية عالمية.
وإذا استثنينا الجانب الجنائي، كلنا نرى كيف تم تضخيم أزمة خاشقجي بدرجة تجعل حتى بعض الذين يختلفون مع السعودية يشككون في أهداف الحملة، وإلى أين يراد بها أن تصل. والأرجح أن هذا الإفراط الشديد في التسييس والهجوم، والخلط بين القضايا، سيدفع كثيراً من الدول والمؤسسات إلى التضامن مع السعودية في نهاية المطاف. ستتحول القضية ضد الذين يقومون بإدارة

المعركة وتوسيعها ضد السعودية.
في السعودية نظام سياسي راسخ ولن تفلح هذه الهجمات في التأثير فيه. وبالحقائق المعروفة عن مصادر قوة الرياض، فإنها في النهاية ستكون معركة خاسرة للأطراف التي أرادت تسييس قضية خاشقجي إن كان هدفها إضعاف وإقصاء السعودية.

والثمن سيكون مكلفاً في حال استمر الضغط. إقليمياً، إضعاف السعودية سيضعف تباعاً القوى المماثلة لها في المنطقة، سيقوي إيران و«حزب الله» والحوثي والقاعدة و«داعش». هذه نتائج متوقعة. إضعاف السعودية سيقوي الأطراف التي يطالب العالم بلجمها.

لهذا ليس غريباً أن القوى المتطرفة وحليفاتها في المنطقة تستخدم قضية خاشقجي وتنفخ في نارها.

ولهذا قلت إن هذه المبالغة في الهجوم، والتضخيم والاستغلال المفرط، هي التي ستفسد على أصحابها أهدافهم.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تكاليف أزمة خاشقجي ومآلاتها تكاليف أزمة خاشقجي ومآلاتها



GMT 08:13 2021 الثلاثاء ,07 كانون الأول / ديسمبر

تصفير الخلافات منذ اتفاق العلا

GMT 08:13 2021 السبت ,04 كانون الأول / ديسمبر

«البوليفارد» مسرح التغيير الكبير

GMT 08:27 2021 السبت ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

صعود القذافي الابن

GMT 07:39 2021 الأحد ,31 تشرين الأول / أكتوبر

بين الرياض وبيروت

GMT 04:28 2021 الخميس ,30 أيلول / سبتمبر

الخلاف حول اليمن

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:21 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الجدي الخميس 29-10-2020

GMT 14:05 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الأسد الخميس 29-10-2020

GMT 08:29 2021 الجمعة ,07 أيار / مايو

مسلسل ''حرقة'' أفضل دراما رمضانية في تونس

GMT 05:48 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

اكتشاف تقنية جديدة تساعد في إنقاص الوزن الزائد

GMT 05:31 2016 السبت ,26 آذار/ مارس

البردقوش فوائده واستخدامه

GMT 00:15 2016 الثلاثاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

فوائد الشطة لعلاج مرض الصدفية

GMT 10:54 2013 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ندوة عن القبول في جامعات الولايات المتحدة في "أميركية دبي"

GMT 09:15 2021 الأربعاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

أيتام «داعش» مَنْ يعينهم؟

GMT 18:04 2021 الإثنين ,29 آذار/ مارس

أخبار من اميركا وعمليات إطلاق النار فيها

GMT 04:00 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

موصفات سيارة كايلي جينر الرولز-رويسمن طراز Wraith
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia