تنازلات روسية قليلة

تنازلات روسية قليلة

تنازلات روسية قليلة

 تونس اليوم -

تنازلات روسية قليلة

بقلم : عبد الرحمن الراشد

التطور الإيجابي الأخير أن روسيا صارت تسوق الحل السلمي، الداعي لإشراك المعارضة السورية، وذلك لأول الأسد مع معظم الصلاحيات الرئيسية وتنازل عن جزء للمعارضة، وهذا حل سّيئ وبالتأكيد مرفوض مرة منذ دخولها عسكرًيا الحرب إلى جانب النظامين السوري والإيراني. الجانب السلبي تريد أن تبقي بشار للمعارضة ولن ينجح.

هل يمكن أن يطور الروس أفكارهم بما يمكن المتفاوضين من التوصل إلى حل أخيًرا؟ الروس أكملوا نصف عام، وبعد دخولهم بآخر تقنية السلاح المتطور في مختبراتهم، لم يحققوا كثيًرا من
وعدهم بدحر أعداء نظام الأسد، حتى مدينة حلب التي تعهد الروس بتحريرها لا تزال معظمها في يد المعارضة. وهذا لا ينفي أن قوات الأسد وحليفه حزب الله حققوا تقدًما على الأرض بالسيطرة على بعض المواقع والبلدات، لكنها ليست انتصارات حاسمة، ولا يوجد في الأفق القريب حدوث مثل هذا الاحتمال.

والانتصارات المحدودة للنظام ليست نتيجة لجهود الروس والإيرانيين العسكرية، بل في معظمها هي نتائج للضغوط على تركيا التي اضطرت لإغلاق ممرات عبور المسلحين والتمويل، وتسببت في تقليص دعم الدول المساندة للجيش الحر وبقية القوى السورية المسلحة.

ورغم هذه الانتكاسات فإن المعارضة السورية لا تزال تمسك بثلث مساحة سوريا والنظام بأقل من الثلث والجماعات الإرهابية بنحو الثلث أيًضا. كما أن الروس ذاقوا في منتصف الشهر الماضي أول هزيمة لهم موجعة، أعادت ذكرى أفغانستان عندما دمرت لهم طائراتهم المروحية الرابضة على الأرض في قاعدتهم العسكرية بين حلب وتدمر، ودمرت جماعات مسلحة أيًضا طابوًرا طويلاً من شاحنات التمويل. الروس أنكروا الحادثة لكن مركز ستراتفورد الاستخباري أصدر صوًرا لا مجال للشك فيها تبين حجم الدمار قبل وبعد الهجوم.

وسواء كان الهجوم تم بدعم، أو إرشاد، من قوى خارجية لإعادة التوازن من جديد على أرض المعركة، الذي اختل بسبب تدخل موسكو وتقلص الدور التركي، وسواء كان المهاجمون هم من تنظيم داعش الإرهابي أو الجيش الحر الوطني، فإنه يبقى تطوًرا نوعًيا مهًما يؤكد أن تكاليف الحرب ستكون باهظة على الجميع وليس فقط على الشعب السوري الذي ترمى عليه البراميل المتفجرة وُيقصف عشوائًيا بلا أدنى محاسبةدولية.

حلفاء الأسد الرئيسيون الثلاثة، الروس وإيران وحزب الله، اكتشفوا أنه لا انتصار ممكًنا في سوريا من دون حل سياسي، بخلاف تصوراتهم السابقة. تواجههم مشكلتان، الأولى عجزهم عن التقدم لأن أغلبية الشعب السوري بالتأكيد ضد نظام الأسد، وبالتالي دعم نظام أقلية مرفوض لن يحقق لهم السيطرة الدائمة حتى لو حققوا انتصارات على الأرض، والتحدي الثاني للمعتدين أنهم لن يستطيعوا الاستمرار في القتال لعام وأعوام لاحقة دون أن تلحق بهم خسائر متزايدة.

الحل السياسي الذي طرأ عليه تقدم صغير الأسبوع الماضي يبقى المخرج للروس والإيرانيين، ولن يكون من دون تنازلات حقيقية تلغي رأس السلطة، وهي الاقتراحات التي تبناها مؤتمر جنيف الثاني.

أما الفريق الأميركي فقد أخذ دور الحكم، ويأمل في أن تنتهي المباراة بالتعادل أو ينتهي وقت الرئاسة دون خسائر سياسية في المواجهة في سوريا، ويترك الأزمة للرئيس الأميركي المنتخب لاحًقا. الضغط الروسي يتضاعف على الإدارة الأميركية من أجل توسيع دائرة أهدافه العسكرية بعد أن فشلت الحملات العسكرية الأخرى حتى الآن في إنتاج نصر عسكري.

مرة أخرى يفترض ألا تلهينا القضايا التفصيلية عنُلب الصراع، وهو التوسع الإيراني في المنطقة، الذي يريد السيطرة على العراق وسوريا ولبنان والذي لا يمكن معالجته فقط من خلال حل يرضي الروس في دمشق. التنازل لهم يعني التنازل عن إيران في كل المنطقة لا سوريا وحدها.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تنازلات روسية قليلة تنازلات روسية قليلة



GMT 08:13 2021 الثلاثاء ,07 كانون الأول / ديسمبر

تصفير الخلافات منذ اتفاق العلا

GMT 08:13 2021 السبت ,04 كانون الأول / ديسمبر

«البوليفارد» مسرح التغيير الكبير

GMT 08:27 2021 السبت ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

صعود القذافي الابن

GMT 07:39 2021 الأحد ,31 تشرين الأول / أكتوبر

بين الرياض وبيروت

GMT 04:28 2021 الخميس ,30 أيلول / سبتمبر

الخلاف حول اليمن

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia