ترمب وإيران وخلط القضايا

ترمب وإيران وخلط القضايا

ترمب وإيران وخلط القضايا

 تونس اليوم -

ترمب وإيران وخلط القضايا

بقلم : عبد الرحمن الراشد

لقد ضيعنا سنوات طويلة لا نفرق بين مصالح إيران ومصالحنا٬ ولا نفرق بين صدق القضايا والمزور منها. ونجح نظام إيران في أن يتاجر في قضايانا٬ القضية الفلسطينية وقضايا العرب والمسلمين٬ التي باع فيها واشترى من أجل غاياته٬ ولم يستوعب كثيرون هذه الحقيقة إلا متأخرين٬ وبخاصة بعد أن رأوا ما فعلته إيران من جرائم في العراق وسوريا واليمن والبحرين. وسنرى إيران٬ ومن في معسكرها٬ يعيدون الكرة بشن الحملات في مواجهة الإدارة الأميركية الجديدة٬ وغيرها من الحكومات التي تقف ضدهم؛ لهذا علينا ألا نخلط الحقائق٬ ولا في المصالح٬ ودعوا إيران ورفاقها يحاربون بأنفسهم.

أما لماذا كل هذه المواجهات الصاخبة التي يخوضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب؟ في رأيي هدفه بناء شعبيته الرئاسية في مواجهة خصومه٬ وهم كثر٬ في الإعلام والحزب الديمقراطي٬ والكونغرس وغيرهم.

مثلا٬ لأن هناك شكوى من مزاحمة الأجانب للمواطنين الأميركيين٬ قرر بناء جدار مع جارته دولة المكسيك لوقف تسلل أكثر من سبعمائة ألف شخص سنويا. ولأن هناك ا من الإرهاب َخص سبع دول إسلامية٬ فيها فوضى وإرهاب٬ بمنع مواطنيها من الدخول لثلاثة أشهر. ولأن النقابات العمالية ضد الشركات الأميركية التي تفتح قلقً مصانعها خارج الولايات المتحدة تعهد بأنه سيفرض غرامات على بضائعها المستوردة. ولأنه يريد إقناع منتقدي العقود الحكومية بأنه ضد الفساد أعاد عقدين ضخمين للمراجعة٬ أحدهما لبناء طائرته الرئاسية. ولأن هناك محافظين ضد الإجهاض أمر بمنع إنفاق الدعم الحكومي لعمليات الإجهاض٬ وهكذا. لا يمكن أن نقول ترمب ضد المسلمين٬ بدليل أنه يبني جدارا لمنع تسلل جيرانه المكسيكيين ومعظمهم مسيحيون٬ ووعد بأنه سيرحل المقيمين غير الشرعيين في الولايات ويربو عددهم على أحد عشر مليونا٬ ومعظمهم غير مسلمين.

ومن بين 57 دولة إسلامية في أنحاء العالم٬ لم يفرض ترمب حظر الدخول إلا على سبع دول إسلامية منها٬ لأن فيها حروبا أو قلاقل٬ وسلطة مركزية ضعيفة. ومعظم دول العالم تتلكأ في منح تأشيرات دخول لمواطني هذه الدول لعدم وجود سلطات مركزية تستطيع التنسيق الأمني معها. إنما الإرهاب ليس خاصا بهذه الدول٬ فهو في دول وسط آسيا٬ وِفي باكستان٬ وبنغلاديش٬ والسعودية٬ وتركيا٬ وغيرها من الدول الإسلامية٬ وموجود حتى في دول غربية مثل بلجيكا وفرنسا وإيطاليا وغيرها.

السبب في عدم ضم مسلميها إلى قائمة حظر التأشيرات على مواطنيها٬ لأن فيها حكومات مركزية٬ وأنظمة أمنية٬ يمكن التنسيق المعلوماتي معها وتقليل المخاطر.

معركة ترمب ليست مع المسلمين٬ ولا المكسيكيين٬ بل في الشارع الأميركي. يشعر أنه وعد ناخبيه وسيحاول أن ينفذ معظم وعوده التي انتخب بسببها٬ ورغم إصراره فقد لا يستطيع أن يكسب معاركه٬ وذلك نتيجة الاحتجاجات الشعبية المعارضة والعراقيل القانونية٬ وهذه على أي حال مسألة أميركية داخلية.

الولايات المتحدة أكثر بلد في العالم استفاد من المهاجرين واللاجئين والمجنسين٬ وحتى من غير الشرعيين٬ في إدارة عجلته الاقتصادية الكبرى في العالم. وقد أصبحت التجربة الأميركية في استيعاب الآخرين ملهمة لكثير من الدول التي تسعى للمنافسة اقتصاديا٬ حيث جعلت المعايير هي المكاسب والفوائد التي يعود بها الوافد إلى الدولة والسوق٬ ومن الطبيعي أن يقابله شعور بالرفض عند العاطلين والأقل ح ًظا في المجتمع. والشعور المحلي الرافض للأجانب حالة مكررة في كل المجتمعات مع تزايد التنافس على الوظائف٬ والتنافس بين الأحزاب التي تستخدمه في حملاتها الانتخابية٬ كما فعل ترمب.

والرئيس الجديد المتحمس٬ بكل ما أوتي من سلطة٬ لن يتمكن من منع الإرهاب٬ ولا إبعاد كل المقيمين غير الشرعيين ولا منع التسلل من المكسيك٬ لكنه سيجرب أن يكسب ما يستطيع داخلًيا٬ وخارجيا أيضا لن تكون كل معاركه رابحة. ولعل أهم قراراته عدم التعاون مع إيران٬ الأمر الذي سيغضب طهران٬ وستسلط عليه ُدَماها٬ في غزة٬ والعراق٬ وسوريا٬ واليمن٬ والتنظيمات المتطرفة التي ترفع الإسلام بهتانا.

المصدر : صحيفة الشرق الأوسط

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ترمب وإيران وخلط القضايا ترمب وإيران وخلط القضايا



GMT 08:13 2021 الثلاثاء ,07 كانون الأول / ديسمبر

تصفير الخلافات منذ اتفاق العلا

GMT 08:13 2021 السبت ,04 كانون الأول / ديسمبر

«البوليفارد» مسرح التغيير الكبير

GMT 08:27 2021 السبت ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

صعود القذافي الابن

GMT 07:39 2021 الأحد ,31 تشرين الأول / أكتوبر

بين الرياض وبيروت

GMT 04:28 2021 الخميس ,30 أيلول / سبتمبر

الخلاف حول اليمن

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:22 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:53 2014 الثلاثاء ,25 شباط / فبراير

"Facebook messenger" سيكون متاحًا لويندوز فون بعد أسابيع

GMT 11:08 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

وقف الهدر والتبذير..شعار الكويت الجديد

GMT 16:21 2019 الخميس ,27 حزيران / يونيو

اجتماع تقني يجمع مسؤولي منتخبَي مالي وتونس

GMT 11:21 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عقدة حياتو والكامرون

GMT 14:25 2017 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

فيلم الرعب "Jigsaw" يحقق 32 ميلون دولار في أسبوع عرضه الأول

GMT 09:26 2017 الخميس ,13 إبريل / نيسان

سوسيج تري كامب السحر الحقيقي للحياة البرية

GMT 20:34 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

"HER" BURBERRY عطر المرأة الجريئة الباحثة عن التميز

GMT 12:54 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

أبسط وأسهل طريقة لاختيار الحجاب الملون بأناقة

GMT 13:37 2012 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

كأس ألمانيا: دورتموند وشتوتغارت وبوخوم إلى ربع النهائي

GMT 03:00 2013 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

ظاهرة "الإرهاب" كلفت تونس 4 مليارات دينار
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia