في الطريق إلى المحاكم الأميركية

في الطريق إلى المحاكم الأميركية

في الطريق إلى المحاكم الأميركية

 تونس اليوم -

في الطريق إلى المحاكم الأميركية

بقلم : عبد الرحمن الراشد

أصحاب النوايا الحسنة يحثون السعودية على مقاطعة أميركا، وهم لا يعون أهميتها لنا، فهي تملك التقنية التي مكنت من إنتاج أكبر كمية بترول في العالم، ويطالبونها بإلغاء الدولار وهم لا ينتبهون أن الصين، أكبر وأغنى وأقل حًبا لأميركا، تتعامل بالدولار أكثر منا، وكل فائض أموالها تخزنه وتستثمره في أميركا. أما أصحاب النوايا السيئة فهم يحرضون، متصورين أن الحكومة السعودية من السذاجة حتى تضحي برصيدها الطويل مع الولايات المتحدة، وأنها مثل صدام والقذافي والخميني، وهم بسبب هذه الحماقة والنصائح، صاروا أثًرا بعد عين.

في مطلع الثمانينات تعلمت الدرس الأول، عندما هبت الصحافة الكويتية تستنكر وتطالب بالرد على قيام الكونغرس الأميركي بإبطال حق لشركة كويتية بالتنقيب عن البترول في الأراضي الفيدرالية الممنوح سابقا والمهم جًدا. و«سانتا في» هي شركة بترولية أميركية كانت قد اشترتها الحكومة الكويتية. آنذاك، قابلت سمو الشيخ صباح الأحمد، أمير الكويت، وكان حينها وزيرا للخارجية، خلال حضوره الدورة العادية للجمعية العمومية في الأمم المتحدة. سألته: «هل ستردون على الأميركيين؟»، أجاب: «نحن نفاوضهم»، قلت له مستغربا لكن ألن تردوا عليهم بنفس الطريقة، من مبدأ العين بالعين؟ ابتسم، ابتسامته المعهودة، وأجابني: «أي عين وكيف، وكل عيوننا عندهم؟!». وتمر سبع سنوات وتتضح أهمية العلاقات الدولية، وأنه مهما طرأت
من نزاعات، يجب أن توضع في إطارها لا أن تنقاد وراء الطيبين والمرجفين.

فقد سبق أن مرت سويسرا بقضايا ضخمة ومعارك قانونية مع المحامين في أميركا، والآن في ألمانيا، تتجادل فولكسفاغن على تعويضات بنحو تسعة مليارات دولار، وهناك أحدث منها، دعوى أميركية ضد دويتشه بنك الألماني بـ14 مليار دولار. والسعودية نفسها ليست غريبة على الدعاوى في أميركا فقد كسبت معظمها، بما فيها قضايا تخّص هجمات سبتمبر (أيلول) لأفراد وشركات ومؤسسات حكومية. وهناك قضية كبيرة سبق وكسبتها الحكومة السعودية ممثلة في وزارة البترول وشركة أرامكو في مطلع عام 2009 .وقد نبهنا إليها الدكتور أنس الحجي، الذي سبق وكتب حولها مقالاً في ذلك العام. فقد سبق وقامت شركات بترول أميركية برفع دعاوى تطالب بمبالغ بمئات المليارات، وفق المقال، ضد أرامكو، شركة البترول السعودية،
والحكومة نفسها، تريد إسقاط السيادة المانعة للملاحقة القضائية. وقد تطلب الأمر جمع شهادات من 15 حكومة منتجة للبترول في العالم، كل دول أوبك باستثناء إيران، وثلاث أخرى بما فيها روسيا.

وربما ما لا يعرفه الكثيرون، أن ذوي ضحايا هجمات سبتمبر سبق لهم أن رفعوا دعاوى، وتم الاتفاق على تأسيس صندوق للتعويضات من شركات ومؤسسات الطيران الأميركية التي استخدمت في الهجمات، وبعد أكثر من ثلاث سنوات ومئات جلسات الاستماع في الكونغرس، دفع لهم سبعة مليارات دولار، يمنح نحو مليوني دولار لأهل كل ضحية. وبالتالي علينا أن نضع قرار الكونغرس في سياق الأحداث والممارسات هناك، وأن نفهمه ونواجهه وفق ذلك.

هناك قائمة طويلة من الظروف السيئة التي أدت إلى ما أدت إليه. فالسعودية ضحية لصورتها السلبية، وهناك استهداف من خصومها لها، وقد شوه المتطرفون المحليون سمعتها، وفوق هذا جشع المحامين الذين هم الكاسب الأكبر من الأموال التي يتم تحصيلها، يضاف إليه موقف الحكومة الأميركية السلبي ضدها التي لم تباِل كثيرا بالتصدي للقانون في طور ولادته. لكن رغم جبل الصعوبات هذا، الذي يواجه السعودية، بإمكانها أن تتحدى الدعاوى قانونيا وسياسيا بما لديها من علاقات كبيرة ومصالح في داخل الولايات المتحدة نفسها.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في الطريق إلى المحاكم الأميركية في الطريق إلى المحاكم الأميركية



GMT 08:13 2021 الثلاثاء ,07 كانون الأول / ديسمبر

تصفير الخلافات منذ اتفاق العلا

GMT 08:13 2021 السبت ,04 كانون الأول / ديسمبر

«البوليفارد» مسرح التغيير الكبير

GMT 08:27 2021 السبت ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

صعود القذافي الابن

GMT 07:39 2021 الأحد ,31 تشرين الأول / أكتوبر

بين الرياض وبيروت

GMT 04:28 2021 الخميس ,30 أيلول / سبتمبر

الخلاف حول اليمن

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia