النظام الأميركي يراجع نفسه

النظام الأميركي يراجع نفسه

النظام الأميركي يراجع نفسه

 تونس اليوم -

النظام الأميركي يراجع نفسه

بقلم : عبد الرحمن الراشد

أغلبية الأميركيين صوتوا لهيلاري كلينتون بأكثر من مليون صوت من أصوات دونالد ترمب٬ ومع هذا ذهبت الرئاسة لمنافسها٬ لأنه ربح المجمعات الانتخابية. وسبق أن تكرر التناقض في انتخابات عام ٬2000 ولهذا ارتفعت دعوات تطالب بإصلاح النظام الانتخابي ويبدو أن الكونغرس أنصت ويستعد لمراجعته.

وعلى الرغم من كثرة الانتقادات الذاتية٬ وعلى الرغم من تعدد علله٬ فإن النظام الأميركي يعتبر من أفضل الأنظمة الديمقراطية الغربية٬ مقارنة بالأنظمة البرلمانية مثل الفرنسي أو البريطاني. الانتقادات ترتفع بعد كل موسم انتخابي تشتكي من تدخل الشركات الكبرى في ترجيح كفة المرشحين من خلال التبرعات٬ وقوى الباكس٬ والسوبر لوبيست٬ التي انتقدها ترمب نفسه ووعد بإصلاحها٬ مع أنه أمر مشكوك فيه.

بين السلطات٬ ويمكن المحاسبة من داخله٬ بما يفوق الأنظمة الغربية المثيلة. فالرئيس يملك سلطة كبيرة لكنها ليست مع هذا٬ النظام نفسه٬ أكثر شفافية من غيره٬ وأكثر توازنً مطلقة٬ حيث توجد سلطات موازنة له في المجالس التشريعية تقوم بالمراجعة والمحاسبة٬ فهو الذي يعين وزراءه وليس الحزب لكن الكونغرس هو من يقرر الموافقة أو الرفض بعد جلسات الاستماع. الحكومة الأميركية على الرغم من ضخامتها لا يتعدى عدد وزرائها الخمسة عشر فقط٬ مقارنة بوزراء دولة صغيرة مثل لبنان٬ حكومته الأخيرة

من 24 وزيرا. والرئيس لا يجتمع بهم بصفتهم مجلس وزراء٬ كما هي الحال في معظم دول العالم٬ مباشرة٬ ومن خلال أجهزته أو رئيس ديوانه٬ كما يسمونه رئيس كبار الموظفين. والبعض يعتبر أن من عيوب النظام الأميركي أن الرئيس هو الذي يعين قضاة المحكمة العليا٬ فقط عندما يوجد هناك شاغر٬ ومنصب القاضي مدى الحياة أو إلى حالة العجز. وبخلاف الأنظمة الأوروبية فإنه لا يجوز لوزراء الحكومة أن يكونوا أعضاء في الكونغرس٬ بل عليهم الاستقالة عند اختيار أحدهم. والعكس في فرنسا٬ وكذلك بريطانيا٬ كل الوزراء أعضاء في البرلمان أو مجلس اللوردات٬ ومن يو ّزر من خارجه يتم تعيينه في مجلس اللوردات. ولا يحق للرئيس أن يتدخل في شؤون الكونغرس٬ ولا يرأسه إلا مرة واحدة في السنة. السلطات مفصولة٬ فلا يفرض أحدهما على الآخر قراراته. الرئيس وحكومته٬ أي السلطة التنفيذية٬ مفصولون عن الكونغرس٬ أي السلطة التشريعية٬ وعن السلطة القضائية. والنظام يلزم الحكومة بتقديم المعلومات للمواطن عند طلبه٬ إلا ما يصنف سرًيا٬ ويحق له أن يطلب من نائبه في الكونغرس أن يبحث فيه٬ وتلك الموسومة بالبالغة السرية تترك للجان المتخصصة فيه التي تقوم بمراجعتها.

نظام معقول لكنه ليس مثالًيا٬ فيه تستطيع الجماعات النشطة التأثير على حركة الدولة٬ أما الجماعات الخاملة فإنها قد تفقد كثيرا لأن النظام لا يقوم ذاتًيا بحماية أهل الحاجات٬ لهذا توجد تجمعات لحماية البيئة٬ وحقوق الأقليات٬ وأهل المهن وهكذا. ومن الجماعات الخاملة العرب الأميركيون٬ وكذلك المسلمون الأميركيون٬ ويخسرون كثيرا بسبب عدم انخراطهم كجماعات في العمل السياسي٬ ويتكلون على حماية الدستور حقوقهم.

والدستور بالفعل أعلى مراتب النظام٬ وهناك دول بلا دساتير مثل بريطانيا. في أميركا يعتبر شبه مقدس٬ لا يجوز نقضه مهما كانت قوة الرئيس أو القضاة٬ والتعديلات عليه نادرة تاريخًيا. يحمي الحقوق الأساسية للجميع٬ ويعتبر السند الأول للأقليات رغم كثرة الحملات التحريضية ضدهم٬ ومعظم القضايا التي رفعها مسلمون أميركيون بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) في قضايا تمييز ضدهم٬ كسبوها بناء على مبادئ دستورية. وهذا لا يغني عن حاجتهم للعمل السياسي٬ وفق النظام السياسي المتاح للجميع ا عالًيا مهما كانت صغيرة٬ الأمر الذي يميز بلًدا كالولايات المتحدة٬ حيث إن معظم سكانه منحدرون من مهاجرين من أمم مختلفة٬ الذي يتميز بالمرونة٬ ويعطي للأقليات صوتً

بعكس الدول الأوروبية التي تغلب عليها إثنيات وديانات خالصة٬ حيث تهيمن مصالح الأغلبية على الأقليات. أخي ًرا٬ رغم أن الحريات محمية٬ والمشاركة السياسية متاحة للجميع٬ فإن النظام السياسي يهيمن عليه حزبان٬ الديمقراطي والجمهوري٬ الفروقات الفكرية بينهما محدودة بخلاف الحال في أوروبا. والانتخابات الأخيرة غريبة ومختلفة لأن ترمب فعلًيا لا ينتمي للحزب الجمهوري ولا يؤمن بكل مبادئه٬ وكذلك بيرني ساندرز منافس كلينتون الرئيسي في الحزب الديمقراطي٬ أكثر يسارية من أي مرشح آخر في تاريخ الحزب. ولا ندري إن كانت هذه علامات انتقال وتبدل داخل المجتمع السياسي الأميركي أم إنهما حالتان نادرتان.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النظام الأميركي يراجع نفسه النظام الأميركي يراجع نفسه



GMT 08:13 2021 الثلاثاء ,07 كانون الأول / ديسمبر

تصفير الخلافات منذ اتفاق العلا

GMT 08:13 2021 السبت ,04 كانون الأول / ديسمبر

«البوليفارد» مسرح التغيير الكبير

GMT 08:27 2021 السبت ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

صعود القذافي الابن

GMT 07:39 2021 الأحد ,31 تشرين الأول / أكتوبر

بين الرياض وبيروت

GMT 04:28 2021 الخميس ,30 أيلول / سبتمبر

الخلاف حول اليمن

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia