إيران والعرب  وحنين للماضي

إيران والعرب .... وحنين للماضي

إيران والعرب .... وحنين للماضي

 تونس اليوم -

إيران والعرب  وحنين للماضي

بقلم : عبد الرحمن الراشد

بعد عقود من النسيان، ظهرت صور للشوارع، والحدائق، والشواطئ، والمدارس، والمسارح، والشباب، والفتيات، تحكي قصة الماضي القريب الذي صار مثل الحلم، يوحي بالسلام والتصالح مع النفس داخل المجتمع الواحد. زمن اختفى بعد عقود من هيمنة التطّرف الذي ضرب دول المنطقة. نستولجيا الماضي هذا، أو الحنين إلى الستينات والسبعينات، رابط يشترك فيه الإيرانيون والعرب الذين يتحسرون على ماٍض ضيعته الأحداث وبسببه يعيشون حاضرا انقلب رأسا على عقب. تغير التاريخُبعيد ثورة آية الله الخميني وتسّلِم المتطرفين الحكم، وصارت إيران المتطرفة ملهمة لملايين المأخوذين بالثورة، والدعاية المصاحبة لها من قبل الجماعات الدينية في المنطقة. صور القاهرة وطهران والرياض والكويت وبيروت وغيرها من حواضر منطقة الشرق الأوسط، التي تبدو عالما مختلفا عن عالم اليوم. يبدو فيها الناس أكثر تمدنا، والشوارع أكثر سلاًما.

وعندما يقارنها الذين ولدوا بعد تلك الحقبة بمدينتهم وشوارعها يصعب عليهم أن يصدقوا أنه المكان نفسه، والناس أنفسهم، تغيروا إلى ما هم عليه اليوم من ضيق وتشديد. فهل كانت طهران أسعد في مطلع السبعينات من القرن الماضي عما آلت إليه في القرن الواحد والعشرين؟ وهل القاهرة، التي تبدو رثة اليوم، نسخة مختلفة عن قاهرة عبد الناصر والسادات، مدينة البهجة والإبداع؟

لا نحتاج إلى صور الماضي، ولا شهود الأحياء من تلك الحقبة، يكفي الاستماع لأحاديث اليوم، وأبناء الحاضر وتطلعاتهم التي لا تزيد كثيرا عما كان آباؤهم يعيشونه. يا له من طموح بسيط ومفارقة عجيبة، مستقبلهم الذي يتمنونه العودة إلى الوراء!

والحقيقة هم سائرون في هذا الطريق، العودة قليلا إلى الوراء واللحاق بالماضي، وهناك الكثير من الشواهد تبين ضجر الناس في طهران والقاهرة والرياض وغيرها من المدن، التي ضربتها قنبلة نووية من التطّرف الديني.

هل هي حالة غريبة؟ وضع غريب لكنه ليس بالنادر. منطقتنا التي ابتليت بمرحلة «الصحوة» الدينية، مرت الصين بمرحلة تطرف شيوعي سميت كذبا «الثورة الثقافية». ففي عام 1966 قاد الشيوعيون بزعامة ماو سي تونغ مشروعا «صحويا» ليس ضد أعداء الشيوعية بل ضد رفاقهم الشيوعيين الذين اعتبروهم أقل التزاما منهم، وسخر الحزب الشيوعي الشباب لفرض الأفكار المتطرفة على المجتمع، وكانوا يلاحقون أهاليهم ومدرسيهم، ويجمعون الكتب ويحرقونها، وقاموا بتدمير الكثير من رموز الصين التراثية ومعالمها التاريخية، وفي الشوارع كانت سياراتهم تجول الشوارع كل يوم يصرخ فيها المتطرفون الشباب بالشعارات الماويه داعين لملاحقة الخارجين عن التعاليم.

الصورتان بين الصحوتين الصينية والعربية الإيرانية تتشابهان في النتائج أيضا، فقد عّمت الصينيين انتكاسة كبيرة للرأي العام الذي عبرت عنه حينها حركة تصحيحية قامت بمحاكمة زعماء الصحوة ومحاسبتهم. بعدها تغيرت الصين وتغير الصينيون، في أفكارهم وملابسهم وعلاقاتهم مع بعضهم ومع العالم أيضا.

وما رواج الصور القديمة في منطقتنا والحنين للماضي بالذكريات والاعتداء على الحاضر البائس باللوم والانتقاد إلا مظهر من مظاهر الرفض والرغبة في العودة. الناس تريد أن تعيش حياتها سعيدة، وهذا لا ينتقص من تدينها ولا يعيب تقاليدها. سيأتي يوم نرى في داخل النظام الإيراني نفسه من يقود حركة العودة لزمن السبعينات والستينات، والتخلص من تراث الخمينية والتطرف الديني. وكذلك في المنطقة العربية سيغلب المد المدني رغم كل القيود التي وضعت باسم الصحوة.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران والعرب  وحنين للماضي إيران والعرب  وحنين للماضي



GMT 08:13 2021 الثلاثاء ,07 كانون الأول / ديسمبر

تصفير الخلافات منذ اتفاق العلا

GMT 08:13 2021 السبت ,04 كانون الأول / ديسمبر

«البوليفارد» مسرح التغيير الكبير

GMT 08:27 2021 السبت ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

صعود القذافي الابن

GMT 07:39 2021 الأحد ,31 تشرين الأول / أكتوبر

بين الرياض وبيروت

GMT 04:28 2021 الخميس ,30 أيلول / سبتمبر

الخلاف حول اليمن

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia