هل بيعت القضية السورية

هل بيعت القضية السورية؟

هل بيعت القضية السورية؟

 تونس اليوم -

هل بيعت القضية السورية

عبد الرحمن الراشد

لا شك أن عبارة «بقاء الأسد» أقلقت كثيرين، لأنه لا أحد يتصور أن يقبل من يملك شعورا إنسانيا أو حسا أخلاقيا أو حتى موقفا سياسيا منصفا. وترددت على أكثر من لسان خلال الأسابيع القليلة الماضية، قالها وزير الخارجية السعودي وهو يقف إلى جانب وزير الخارجية الألماني، أول من أمس، فرانك شتاينماير، وقالها وزير الخارجية التركي سينرلي أوغلو قبل خمسة أيام، ورددها لوران فابيوس وزير خارجية فرنسا في نفس الأسبوع، ويمكن أن نقول إن من بدأها وزير خارجية روسيا لافروف قبل نحو أسبوعين.

العبارة المزعجة خدمت نظام الأسد وحلفاءه الذين قاموا بترديدها على أن الخصوم أخيرا رضخوا، مستشهدين بأن التدخل الروسي غير مسار الحرب السورية.

فهل الأسد حقًا باق؟
الأسد موجود اليوم في قصره فوق جبل قاسيون، في العاصمة دمشق، لكنه لا يحكم سوى أقل من ثلث البلاد، وبصعوبة شديدة، فمعظم القطع مقطوعة من قبل الثوار، ولم يبق له سوى جيش وجهاز أمن صغير، وتم تهجير أكثر من اثني عشر مليون سوري من أحيائهم ومدنهم وقراهم، خمسة ملايين منهم هربوا إلى خارج البلاد. لا يوجد شيء من مقومات الدولة، فالأسد باق بين المقابر وفي مواجهة الآلاف من الثائرين عليه. يعني عمليا، الأسد كحاكم وحكم لم يعد موجودا حتى يساوموا عليه إلا في تصريحات وبيانات الدبلوماسيين من حلفائه الروس والإيرانيين. إضافة إلى هذا، فإنه ليس صحيحا أبدا أن دخول الروس مجال الحرب في سوريا غير مسار المفاوضات وحقق للأسد فرصة البقاء. فالروس هم آخر ما تبقى له، فقد جرب الأسد قواته والشبيحة، وفشلوا. استعان بحزب الله اللبناني صاحب التجربة الطويلة في حرب الميليشيات وفشل. ثم هب الإيرانيون بقيادة النجم اللامع وصانع المعجزات في الحرس الثوري قاسم سليماني، وفشل أيضًا، واستعان بميليشيات عراقية وأفغانية وعجز عن تحقيق أي تقدم على الأرض. ثم دخل الروس بأفضل ما لديهم من سلاح جوي وصواريخ والنتيجة ليست بأفضل مما كانت من قبل. أمس الحرب الروسية ركزت على اللاذقية، التي كانت إلى قبل فترة قريبة منطقة آمنة للأسد!

هل كل هذا الجهد الخرافي والتضحيات يستحقه الأسد؟
كلهم يدركون اليوم أنه لا يستحق الثمن الذي يدفعونه ويدفعه الشعب السوري في أن يبقى ساعة واحدة إضافية، ولا يوجد هناك أمل في بقائه كما يظن ويتمنى مؤيدوه.

إذن ما هي حكاية بقاء الأسد التي أجمع عليها كل وزراء الخارجية؟
لقاء جنيف الأول مهم جدا لأنه وضع إطارا لفك الاشتباك بعملية انتقالية لا مكان للأسد فيها. الخلاف على الزمن والكيفية. حتى الإيرانيون الذين هم الأكثر حرصا عليه يعون استحالة بقائه، لكنهم يريدون السيطرة على مسار التفاوض، وتقرير مصير مستقبل الحكم في سوريا، أي يريدون تنصيب أسد آخر يكون تابعا لهم، لتأمين هيمنتهم على مسطح جغرافي استراتيجي من العراق إلى سوريا ولبنان ومحاصرة منطقة الخليج.

الموقف الإيراني ومبرراته واضحة، لكني لا أستطيع فك الشفرة الروسية، إنما نحن نرى أن موقفهم تطور بعد زيارة ولي ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، حيث أصبحوا يتحدثون عن تفاوض لتأسيس حكم لفترة انتقالية. وهو أمر مطابق لجنيف الأول. طبعا نتوقع أن هناك تفاصيل وخلافات كبيرة، حول من يقرر الائتلاف وممن يتم اختياره، ودور المؤسستين العسكرية والأمنية، ومتى يخرج الأسد، وما هي المسافة في المواقف بين الإيرانيين والروس؟

أما بقاء الأسد كشخص في بيته، في جبل قاسيون، فهو أمر مستمر منذ أربع سنوات ونصف، وهذا لا يجعله رئيسا، ولا يعطيه شرعية، ويستحيل أن يستمر هكذا. وأما القضية السورية فلم تبع، وهي ليست قابلة للبيع للظروف التي أوضحتها، لكن الصراع في سوريا يدور على مستويات مختلفة، من محلية وإقليمية ودولية.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل بيعت القضية السورية هل بيعت القضية السورية



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia