مصر شأن استراتيجي للخليج

مصر شأن استراتيجي للخليج

مصر شأن استراتيجي للخليج

 تونس اليوم -

مصر شأن استراتيجي للخليج

بقلم : عبد الرحمن الراشد

لم يتبدل الأمر كثيًرا يوم كانت مصر ملكية في عهد فؤاد ثم فاروق٬ ويوم تحولت إلى ثورية جمهورية٬ ثم اشتراكية٬ ولاحًقا ساداتية كامب ديفيدية٬ وكذلك في عهدي حسني مبارك٬ ومحمد مرسي الإخوانية.. السعودية٬ ومجموعة دول الخليج العربية٬ تعتبر مصر عموًدا أساسًيا في حساباتها الاستراتيجية٬ وعندما اضطربت العلاقة مرة واحدة٬ لنحو خمس سنوات في الستينات٬ اضطربت المنطقة كلها٬ وعادت فور حرب 1967 إلى مسارها التاريخي٬ فاستقرار المنطقة يقوم عليهما.

وهذا يفسر الضجيج الهائل الذي أحدثته المعارضة المصرية٬ في الخارج تحديًدا٬ والقوى المتحالفة معها٬ قبيل وخلال زيارة الملك سلمان بن عبد العزيز لمصر. فالمعارضة كانت تريد إحراج الرئيس عبد الفتاح السيسي٬ والحكومة المصرية٬ لأنها تعرف سلًفا أنها لا تستطيع منع الزيارة٬ التي اتضح لاحًقا أنها أهم زيارة في طبيعتها٬ منذ زيارة الملك فيصل إلى جمال عبد الناصر التي صححت ورسخت العلاقة٬ في عام 1969 والتي نراها إلى اليوم.

المعارضة بالغت في رواياتها عن الخلافات السعودية المصرية إقليمًيا٬ واعتمدتها للتشكيك في إمكانية نجاح الزيارة٬ إلا أن المفاجأة أن الاتفاقيات ونوعيتها بين البلدين التي وقعت أكبر من كل ما توقعناه٬ ولم يسبق لها مثيل. جاءت مفاجئة حتى للذين يعرفون عن حميمية العلاقة بين الملك والرئيس. ومعظمها مشاريع استراتيجية٬ أبرزها الإعلان عن بناء جسر يربط بين البلدين٬ والقارتين٬ آسيا وأفريقيا. جسر الملك سلمان الذي أعلن عنه لا يقل أهمية عن جسر السلطان محمد الفاتح٬ أي جسر البسفور التركي الذي يربط بين آسيا وأوروبا٬ وسيصبح بعد بنائه الممر الأول جغرافًيا بين البلدين. شملت الاتفاقيات٬ الربط الكهربائي٬ والإعلان عن إعادة الجزيرتين تيران والصنافير إلى السعودية٬ وخمس عشرة اتفاقية مهمة أخرى ستعمق العلاقة بين ضفتي البحر الأحمر.

عند المعارضة المصرية٬ وكذلك خصوم الخليج٬ والسعودية بشكل خاص٬ نظرة قصيرة المدى٬ هدفها تخريب العلاقة لخدمة مصالحها الآنية٬ لكن بالنسبة للقاهرة والرياض منذ عام 1936 العلاقة بين البلدين شأن استراتيجي. لا تسمحان لميزان العلاقة أن يهتز بسبب اختلاف حول مواقف ثنائية فرعية٬ أو وجهات نظر بشأن أحداث إقليمية٬ أو مقالات صحافية. السياسيون المحنكون يفرقون بين الاستراتيجي والفرعي٬ بين الأهداف العليا والمبادرات التكتيكية٬ بين الخلافات والاختلافات٬ ويتركون في حساباتهم مساحة للحركة٬ والتنوع٬ وحتى للاختلاف.

ألا توجد مشكلة في العلاقة السعودية٬ الخليجية٬ مع مصر؟ المفارقة أن معظم الشكوى بين الجانبين٬ التي دأبنا على سماعها٬ تتمحور حول ضعف تنفيذ التعاون المتفق عليه٬ أي أن الجانبين يطمحان لتعاون أكبر٬ لكن آلية العمل غالًبا ما تواجه معوقات ليست سياسية ألبتة. الخليجيون يريدون زيادة نشاطهم الاستثماري والاقتصادي في مصر٬ والمصريون يطالبون بالشيء نفسه٬ والذي يفشل الأعمال المشتركة سواء على مستوى القطاع الحكومي أو الخاص هي البيروقراطية القديمة٬ عدوهم الأول٬ أكثر من أي عدو آخر متربص. هناك طموحات كبيرة جًدا٬ لكن بكل أسف قزمتها الأنظمة التي لا تواكب العالم الجديد٬ وكذلك حراس البيروقراطية الذين يفّوتون فرص الانتقال التنموية الهائلة المحتملة. بالنسبة لدول الخليج فإنها باستثماراتها المالية الكبيرة٬ وشراكاتها التجارية الدولية بالعمل مع الشركاء المصريين والسوق الأضخم في المنطقة٬ تستطيع تحويل مشكلات مصر التنموية إلى مزايا٬ تحول التضخم السكاني مثالاً إلى قوة لمصر والمنطقة٬ تجعلها في مقدمة نمور العالم. الفائض المالي مع الفائض البشري يتطلبان قرارات سياسية شجاعة لتجاوز السرعة البطيئة.

المصريون والخليجيون والعرب جميعهم٬ يريدون الخروج من أزمة الفشل المزمن٬ والحق يقال إن الاتفاقيات الطموحة التي وقعها الملك سلمان والرئيس السيسي تعبر عن آمال شعوب المنطقة بمستقبل أفضل مما نحن فيه. الشعوب تريد حكومات تتفرغ للبناء والتطوير٬ وتلبية حاجاتها٬ وليس إلى مواقف سياسية وبيانات مكررة. هذه المشاريع الموعودة تمثل أكبر برنامج عمل بين بلدين في المنطقة لهذا كانت أخبارها سعيدة إلا للمعارضة.

كل هم الناشطين٬ في المعارضة٬ إفشال أي تعاون٬ من أجل البرهنة على فشل الحكومة٬ ومحاصرتها في زاوية ضيقة٬ في حين أن معظم القضايا التي بحثت في زيارة العاهل السعودي إلى مصر مسائل تنموية تهم حاضر ومستقبل مائة مليون مصري وسعودي٬ حياتهم ومن أجل مستقبل أطفالهم بعيًدا عن العبث السياسي. مصر دولة كبيرة الإمكانيات تستحق اهتمام الجميع٬ لأنه بوقوفها تقف المنطقة كدولة إقليمية كبرى. وعندما نرى الحكومة الأميركية تستبشر خيًرا من انفتاح إيران٬ وتعتبرها دولة واعدة٬ وهي في واقع الأمر٬ عند مقارنتها بمصر٬ نظام متخلف كثيًرا٬ فإننا رًدا على المشرو

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر شأن استراتيجي للخليج مصر شأن استراتيجي للخليج



GMT 08:13 2021 الثلاثاء ,07 كانون الأول / ديسمبر

تصفير الخلافات منذ اتفاق العلا

GMT 08:13 2021 السبت ,04 كانون الأول / ديسمبر

«البوليفارد» مسرح التغيير الكبير

GMT 08:27 2021 السبت ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

صعود القذافي الابن

GMT 07:39 2021 الأحد ,31 تشرين الأول / أكتوبر

بين الرياض وبيروت

GMT 04:28 2021 الخميس ,30 أيلول / سبتمبر

الخلاف حول اليمن

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia