لهذا يتعمد قطع الخطوط الحمراء

لهذا يتعمد قطع الخطوط الحمراء

لهذا يتعمد قطع الخطوط الحمراء

 تونس اليوم -

لهذا يتعمد قطع الخطوط الحمراء

عبد الرحمن الراشد

«إن الرئيس السوري لم يبدل من مواقفه بعد مقتل أكثر من 70 ألف مواطن، وخسارته السيطرة على رقع واسعة من دولته، ولم يبدل مواقفه عندما تعرض رئيس وزرائه لمحاولة اغتيال.. الرئيس السوري لن يغير من سياسته إلا إذا قتل له أحد أو تعرض هو لمحاولة اغتيال». هذا استنتاج صائب لأحد السياسيين بعد أن أخطأ كثيرون في فهم قدرات الرئيس بشار الأسد على المناورة. في رأيي، ومن متابعتي الطويلة له، هو أخطر من أن تختصر إمكاناته في قواته وأجهزته الأمنية رغم ضخامتها. رأيي أن أخطر ما في بشار الأسد.. بشار الأسد نفسه. شخصيا يوحي لضيوفه بأنه جاهل، بلا قدرات، ولا يستطيع أن يقرر ماذا سيفطر غدا. إنما حقيقة شخصيته تتجلى في اثني عشر عاما من الرعب والسير على حافة الهاوية، ونجا من كل مغامراته وجرائمه إلا أزمته الحالية، ربما. وأخشى أنه حتى لو خسر معركة دمشق المصيرية اليوم، قد ينجح في البقاء رئيسا وبدولة ما، ويظل شوكة تدمي المنطقة. ومع أننا نكرر القول بأن الأسد دمية في يد الإيرانيين، لا بد أن نقر بأنه الذي يدير اللعبة، وهو يستخدم الإيرانيين وحزب الله وروسيا لأغراضه، طبعا هم شركاؤه في الحرب والجرائم، أيضا خدمة لأغراضهم. ويمكننا أن نتعرف على بصمته وشخصيته العنيدة، وأسلوبه في إدارة أزماته من خلال سجله في الحكم، يكرر نفسه بنفس الأسلوب، ومن بينها تعامله مع الخطوط الحمراء التي لا تعني له إلا أن اللعبة مستمرة، بعكس فهم الآخرين لها. لنأخذ تعامله مع جاره لبنان قبل 8 سنوات. لا بد أنه خطط مبكرا لإبعاد رفيق الحريري، الزعيم السني الأول، من الساحة ضمن مشروعه الاستيلاء على لبنان سياسيا، وإقصاء كل القوى التي لا تسايره، وبدأ بمحاولة قتل الوزير مروان حمادة، زعيم درزي محسوب على الحريري. كانت رسالة للحريري الذي غادر لبنان ولم يعد إلا للتصويت في البرلمان راضخا لرغبة دمشق، ومع هذا قتله الأسد. تجاوز الأسد ما ظنه كثيرون خطا أحمر، باغتياله الحريري في رابعة النهار. وبعد أن رأى الاستنكار الدولي الواسع سحب قواته انصياعا لقرار مجلس الأمن، وأوحى بأنه يريد المصالحة. في كل مرة كان يتجاوز الخط الأحمر يوحي بالتراجع بإعطاء تأكيدات بأنه رئيس دولة ملتزم بالأصول والأعراف السياسية، لكنه باليد الأخرى يمارس السياسة كزعيم مافيا. أعطى كثيرا من الوعود لسياسيي العالم، ثم تخلص جسديا من معظم خصومه اللبنانيين، قادة مسيحيين، ومسلمين، وعسكر، وإعلاميين.. وأحيانا غيظا، كما قتل جورج حاوي لأنه ظهر على التلفزيون مستنكرا! بعد كل مرة يغتال شخصية، كان يوحي للآخرين بأنه قلق وراغب في التصالح ثم نفاجأ بأنه يغتال آخر، وهكذا حتى قضى على أكثر من عشرين قياديا بين عامي 2005 و2007، ولم يعاقب بسببها أبدا. وعاد حديثا للاغتيال، بقتله مسؤول الأمن اللبناني وسام الحسن، ربما بسبب صلته بالثورة السورية. الحالة الثانية المماثلة، تدبيره لقضية اختطاف الجندي الإسرائيلي شاليط في غزة ثم هجوم حزب الله على دورية إسرائيلية وراء خط الحدود اللبنانية. كان ذلك تجاوزا للخطوط الحمراء في مفهوم ميزان علاقته مع إسرائيل واعتمد على إيران بإعلان معاهدة الدفاع المشترك معها واكتفت إسرائيل بضرب وتخريب لبنان وغزة. أسلوبه في التعاطي كان يدعي المساعدة في التفاوض، ومن جانب كان يعرقل أي حل. وعندما أبلغه رئيس المخابرات المصرية، حينها، عمر سليمان أنه تمكن من عقد اتفاق بموجبه تفرج إسرائيل عن ألف أسير فلسطيني مقابل إطلاق سراح شاليط، وأن مسؤول حماس خالد مشعل موافق، غضب غضبا شديدا، ورد عليه بأن مشعل لا يملك شيئا حتى يعدك به، وأفسد الاتفاق. قضية شاليط بقيت معلقة إلى قبل عامين فقط عندما أطبقت الثورة السورية عليه فوافق على إطلاق سراحه في أكتوبر (تشرين الأول) عام2011. الأسد، مثل حكام إيران، يتاجر بالقضية الفلسطينية، من دون أي اعتبار للغير أو المصالح الأخرى. أما الحالة الثالثة فهي بدايات انتفاضة السوريين، قبل عامين. باليد اليمين كان يصافح الوسطاء، ويعدهم بما يريدون سماعه من انتقال ديمقراطي، مثل الأتراك، وباليد اليسرى كان يرتكب فظائع لم تشهد المنطقة بشاعة مثلها، مثل قتله الطفل الخطيب بصورة بشعة. ديكتاتور دمشق له شخصية تشي به؛ هو يعتقد أنه قادر على الخروج من أي أزمة، ولا بد أنه يؤمن بالمعجزات لنفسه ككل مجانين السلطة ومستبديها. لهذا أخشى أنه لن يتورع عن خنق مائة ألف سوري غدا بأسلحة كيماوية لأنه جربها بجرعات صغيرة خلال الأشهر الماضية عدة مرات، ويظن أنه نجح في استغفال العالم أو تعطيله عبر احتمائه بالروس. الأسد ليس بأعمى بالألوان، بل يقرأ الخطوط الحمراء ويدوس عليها، وسيفاجئ العالم بما هو أسوأ طالما أن أحدا لا يريد أن يوقفه.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لهذا يتعمد قطع الخطوط الحمراء لهذا يتعمد قطع الخطوط الحمراء



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 00:00 2016 الخميس ,22 كانون الأول / ديسمبر

عليك النظر إلى المستقبل البعيد واختيار الأنسب لتطلعاتك

GMT 04:00 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

مستقبل إردوغان

GMT 13:21 2021 الخميس ,22 إبريل / نيسان

عملاق صيني للطرق الوعرة سيظهر العام الجاري

GMT 11:08 2021 السبت ,05 حزيران / يونيو

شركة كيا تكشف عن النسخة الأحدث من طراز K5

GMT 12:43 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة شخص وإصابة 2 بتصادم 3 سيارات في دبي

GMT 06:02 2012 الإثنين ,31 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق تعاون بين الأردن والكويت

GMT 12:58 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

آلات قطر الإعلامية والدينية.. والتحريض على مصر وجيشها

GMT 07:04 2021 الجمعة ,29 تشرين الأول / أكتوبر

كثرة التنقل
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia