فكرة المصالحة مع إيران فاشلة

فكرة المصالحة مع إيران فاشلة

فكرة المصالحة مع إيران فاشلة

 تونس اليوم -

فكرة المصالحة مع إيران فاشلة

عبد الرحمن الراشد

ليس صعباً على دول الخليج العربية مصافحة الرئيس حسن روحاني، وتوقيع اتفاق صداقة مع بلاده إيران، وطي خلاف ثلاثين سنة. نظرياً، هذا أمر سهل جداً لكنه يبقى اتفاقاً لا يساوي الحبر الذي يوقع به إن لم تكن له ضمانات. الصديق الأستاذ طراد العمري أهداني في مدونته مقالاً، عبر فيه عن رأي وخريطة طريق تتحدى تحذيرنا من إيران.

ولو كانت للأخ طراد حظوة في بلاط المرشد، أو له كلمة في البيت الأبيض، ربما غيرت رأيي، وسرت خلف اقتراحه بالانفتاح على إيران. لكنه مثلنا، بضاعته رأيه. وكذلك حكومات الخليج، لا تستطيع أن ترهن مصير ثلاثين مليون مواطن فقط على حسن النوايا، والتحليل الشخصي للأحداث.

في مقاله /192075/http://www.an7a.com تحدث عن شيء سماه المبادرة الخليجية للسلام، وهي ليست سوى «مبادرة طراد للسلام»! لا قيمة لها دون أن تتأكد حكومات المنطقة أن إيران فعلاً غيرت سياستها العدوانية تجاهها، أو قلصت قدراتها العسكرية الموجهة ضدها، أو قدمت دول كبرى ضمانات عسكرية كتأمين عليها. لا شيء من هذه الشروط موجودة والنوايا الحسنة لا تكفي في العالم الحقيقي.

سهل على دولة عظمى مثل الولايات المتحدة تقع على أبعد من سبعة آلاف كيلومتر أن توقع اتفاقا مع ايران، لأن بحوزتها ترسانة ضخمة من السلاح، وذراع طويلة، وتقنية رصد استخبارات عسكرية، ومعلوماتية، ومالية، تستطيع بها أن تردع وتمنع وتمحق. اما نحن، فنسكن على مرمى حجر من شاطئ ايران، وبإمكانياتنا المحدودة لا نستطيع ان ننام على وعود النوايا الحسنة. دول الخليج تحتاج الى براهين او ضمانات على ان ايران تغيرت بعد الاتفاق مع الغرب، او هي مضطرة لتحصين نفسها!
والدول مثل الأفراد، تعرفها من سيرتها وسلوكها، ولا يكفي ان نحلل نواياها، بالقول مثلاً ان كل هدف ايران كان توقيع اتفاق مع الغرب يرفع الحصار ويؤمن سلامة وجودها.

أصلاً العقوبات ضدها طبقت بسبب سلوكها العدواني، وليس العكس. توجد قائمة طويلة بعملياتها العدوانية منذ مطلع الثمانينات الى هذه اللحظة، من الفلبين الى بيونس آيرس، وهي التي تسببت في استحداث الحصار والعقوبات. اما عداؤها لإسرائيل فهو ليس دفاعا عن الفلسطينيين، كما يصدق الأخ طراد، بل جزء من الصراع الإقليمي الواسع. باسم فلسطين، تدير ايران منظومة عدوانية واسعة، اطرافها الأسد في سوريا، ونصر الله في لبنان، والزهار وشلح في غزة، وحواتمة في سوريا، ومحمد بديع في مصر، والبطاط في العراق، وعبد الله الحوثي في اليمن. كل هؤلاء لا علاقة لهم بالدفاع عن فلسطين. يكفيك ان تعرف ما يجري في مخيم اليرموك الفلسطيني في محيط دمشق، من جرائم مروعة تقوم بها جماعات محسوبة على منظمات فلسطينية تابعة لإيران.

يوجد كم هائل من النشاطات العدائية عسكرية وسياسية، تنفذها ايران، او جماعات تعمل وكيلة لها، موجهة ضدنا، وهي قديمة قدم الثورة الايرانية، ليست ضد اسرائيل ولا

ولا أودّ ان أرهق الجميع بتفنيد ما كتبه عن الأساطير الثلاثة، لانها غير مهمة اذا احسنا الظن في الإخوة في طهران. اخ طراد لسنا جددا في فهم الخلاف وتحليله. لقد سبق لدول الخليج ان صدقت، وحاولت، وجربت، ومدت يدها الى طهران وفتحت حدودها وعواصمها، ثم اكتشفت بعد ذلك ان النظام الإيراني زاد عدوانية ضدها. سبق ان عقدت في التسعينات لقاءات تفاوضية متعددة، بل ووقعت اتفاقية تفصيلية مهمة في عام 2001. تقريبا خالفت ايران كل ما ورد وتعهدت به فيها. ومرة ثالثة حاولت السعودية واستقبلت الشيخ هاشمي رفسنجاني في عام 2008 في أطول زيارة من نوعها، جال لأسبوعين في جدة، والدمام، والخبر، والجبيل، والقطيف، ومكة، والمدينة، وينبع. وفتحت السفارات من جديد، وسمحت للطيران الإيراني بفتح مكاتب له، واستقبلت الرياض رجال اعمال ايرانيين واقامت لهم معارض تجارية، وتبادل الزيارات أمراء ووزراء وعسكريون. في الأخير تكتشف السعودية ان داخل النظام الإيراني من أراد استغلال طيب النية وحسن العلاقة لتهريب أسلحة، وتجنيد معارضة، والتآمر داخليا وخارجيا.

وبالتالي، ما يطرحه البعض عن ضرورة التصالح مع ايران يعبر عن منطق سليم لكنه لا يكفي دون ضمانات تحمي الخليج من حالة السعار العدوانية الايرانية التي تحاصرنا بها، في العراق وسوريا ولبنان والبحرين واليمن والسودان. وأحب ان اطمئن الحمائم الخليجيين، وبينهم الأخ طراد، بأنه رغم الخلاف علاقتنا التقليدية مع الإخوة في ايران حية تتنفس. فاليوم يوجد بيننا سفراء وسفارات، وهناك سعوديون يسافرون الى ايران، وإيرانيون يزورون السعودية للحج والعمرة، لكن التوجس من ايران بلغ أقصى درجاته، ويزيد بسبب فك قيودها المالية والعسكرية والدبلوماسية.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فكرة المصالحة مع إيران فاشلة فكرة المصالحة مع إيران فاشلة



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia