على أبواب القرداحة

على أبواب القرداحة

على أبواب القرداحة

 تونس اليوم -

على أبواب القرداحة

عبد الرحمن الراشد

لأنها مدينة الرئيس بشار الأسد، ومسقط رأسه، والقلعة الأكثر تحصينا، فإن الهجوم عليها يمثل قمة التحدي ومنتهى الشجاعة. كانت مفاجأة كبيرة عندما شاهدنا صور الثوار يقاتلون في بلدات في محيط مدينة القرداحة. أثارت الذعر في أوساط النظام، ورفعت معنويات المعارضة. فهل استهداف القرداحة عمل عسكري دعائي لرفع روح الثوار التي تضعضعت بعد سقوط عدد من المناطق التي كانت تحت سيطرتهم، مثل القصير وبلدات في ريف دمشق ودرعا؟ أم أنه جزء من استراتيجية الهجوم للاستيلاء على الساحل، وبالتالي محاصرة النظام بحرا، بعد أن فقد تقريبا كل معابره الحدودية البرية التي استولى عليها الجيش الحر العام الماضي؟ إن كانت القرداحة عملية استعراضية إعلامية دعائية فلا شك أنها حققت هدفها: أنست المعارضة هزائمها العسكرية والسياسية خلال الأشهر القليلة الماضية، وروعت أتباع النظام. أثبت الثوار أنهم ليسوا في تراجع، بل يتفوقون على ميليشيات العراق وإيران وحزب الله، التي انضمت إلى صفوف الجيش النظامي، بعد أن كان مدحورا بشكل كبير مطلع العام الحالي. كما رفع الهجوم على القرداحة معنويات ملايين السوريين الذين روعتهم الانتكاسة الماضية، ويقلقهم مؤتمر جنيف الدولي المقبل، الذي فرض الأسد شروطه فيه بحجة أنه المنتصر عسكريا. العلة الوحيدة أن العمليات الدعائية لا يدوم مفعولها طويلا، ما لم تفلح قيادة الثورة في تحقيق تقدم حقيقي على الجبهات الأكثر أهمية من القرداحة. دمشق وحلب وحمص مدن حاسمة، تمثل الثقل السوري، والاستيلاء على إحداها يعني تهديد النظام في وجوده، حيث يمكن الانطلاق من إحداها لمحاصرة النظام وإسقاطه. استهداف مدينة القرداحة، وما جاورها من قرى، خدم القضية السورية داخليا، وقد لا يدوم بسبب الغلبة لقوات الأسد هناك، وأتباعه، وربما ينقلب سلبيا بسبب الجماعات المتطرفة التي تخدم النظام السوري سواء بقصد أو من دونه، عندما لا تراعي أخلاق الحرب، وتديرها الأحقاد الطائفية أو الثارات الشخصية. أفعال هذه الجماعات البشعة عمليا هي التي أضعفت الثورة في أشهرها الأخيرة، وخوفت العالم منها، وخوفت حتى السوريين أنفسهم، لأن معظمهم لا يريد الخلاص من نظام وحش ليستبدل به وحشا آخر. ومع أن أكثرنا ملتفت للأحداث الخطيرة في مصر فإن الوضع في سوريا أفضل مما يظنه البعض. فقد حقق الثوار السوريون، في الأسابيع القليلة الماضية، عددا مهما من الانتصارات، لكنها لم تحظ بالاهتمام الإعلامي نفسه مثل القرداحة. فقد أخذوا خان العسل، وسيطروا على عدد المواقع العسكرية المهمة في درعا، واستولوا على مطار «منغ» العسكري بعد أشهر من القتال، وأسقطوا طائرتين، واستولوا على كمية كبيرة من الأسلحة والذخيرة والصواريخ في قلمون، ونفذوا عمليات ناجحة في دمشق وريفها. وكل الأحداث على الأرض تقول إن النظام لا يزال عاجزا عن وقف الثوار، رغم المدد الهائل الذي حصل عليه من حلفائه. وكل ما نأمله من القيادات السياسية والعسكرية أن يتجاوز إشكالات المناصب وخلافات المجالس. نقلا عن  جريدة الشرق الاوسط

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

على أبواب القرداحة على أبواب القرداحة



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 00:00 2016 الخميس ,22 كانون الأول / ديسمبر

عليك النظر إلى المستقبل البعيد واختيار الأنسب لتطلعاتك

GMT 04:00 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

مستقبل إردوغان

GMT 13:21 2021 الخميس ,22 إبريل / نيسان

عملاق صيني للطرق الوعرة سيظهر العام الجاري

GMT 11:08 2021 السبت ,05 حزيران / يونيو

شركة كيا تكشف عن النسخة الأحدث من طراز K5

GMT 12:43 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة شخص وإصابة 2 بتصادم 3 سيارات في دبي

GMT 06:02 2012 الإثنين ,31 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق تعاون بين الأردن والكويت

GMT 12:58 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

آلات قطر الإعلامية والدينية.. والتحريض على مصر وجيشها

GMT 07:04 2021 الجمعة ,29 تشرين الأول / أكتوبر

كثرة التنقل
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia