سوريا وفكرة وقف الحرب

سوريا وفكرة وقف الحرب

سوريا وفكرة وقف الحرب

 تونس اليوم -

سوريا وفكرة وقف الحرب

بقلم :عبد الرحمن الراشد

لأنه لا يوجد غالب ولا مغلوب بشكل حاسم٬ ولأن الأزمة بدأت تصبح خارج السيطرة وعابرة للحدود٬ وبالطبع لأن المأساة لطخة في جبين العالم٬ الذي يفترض أن تحكمه نواميس وقوانين دولية٬ هذا العجز والفشل يدفع القوى الكبرى إلى ما نراه اليوم؛ إلى حل مفاوضات «اللاحل». بمجرد أن رأيت صور وفد النظام السوري على باب قاعة التفاوض كفريق كامل٬ والمعارضة بفريق مقبول من القوى التي كانت تعترض على تشكيلته سابقا٬ لم يكن صعبا الاستنتاج بأنها مفاوضات بلا نتيجة حقيقية٬ لن تنهي الحرب.

أما كيف نجح الوسيط في إقناع الخصمين بالجلوس٬ فيبدو أن مهارته تكمن في الفكرة. فقد جرى إقناع كل طرف بأنه لن يجبر على ما لا يريده لقاء الانخراط في المفاوضات٬ مقابل ذلك البدء بعقد سلسلة إجراءات مثل الهدنة والسماح للنشاطات الإنسانية.

نجح الوسيط في وقف القتال٬ أو بتخفيض حدته٬ وتبادل بعض الأسرى٬ وإيصال المساعدات للمحاصرين من الجانبين٬ وهذه كلها إنجازات مهمة تحسب للوسيط الدولي دي ميستورا٬ لكنها ليست حلا ولن تؤدي إلى حل.

للذهاب إلى سويسرا والجلوس على المفاوضات٬ قيل للنظام السوري إن إزاحة بشار الأسد لم تعد شرطا أميركيا٬ وقيل للمعارضة إن وصولهم إلى الحكم لم يعد عليه اعتراض روسي٬ لهذا نجحت المبادرة٬ لكنها في نظري هي مفاوضات اللاحل٬ لأنها لا تحمل مشروعا رئيسيا يمكن أن ينهي الأزمة. وقد يطرح الوسطاء مجدًدا فكرة إعادة هيكلة النظام٬ وفقا لها يبقى الأسد رئيًسا للدولة٬ لكن من دون سلطات تنفيذية٬ ويمنح كرسي رئاسة الحكومة للمعارضة مع وعد له بصلاحيات واسعة. تقريبا هو النموذج العراقي الذي صممه الأميركيون في العراق. وبالطبع لا أحد يصدق الوعود٬ وتحديدا أن الأسد سيكتفي بالصلاحيات البروتوكولية.

أي في هذه المفاوضات نرى تبدلا جذريا من السابق في الأفكار المطروحة. كانت الأولى أن يترك الأسد الحكم نهائيا٬ ثم فكرة تلتها لاحقا تقترح خروج الأسد تماما بعد فترة انتقالية مدتها ثمانية عشر شهرا٬ وتجري انتخابات هدفها تشكيل نظام هجين. وأخيرا هناك طرح يبقى فيه المجرم مع الضحية في الحكم٬ الأسد مع المعارضة!

أيضا تواردت طروحات عن تقسيم سوريا الكامل٬ إلا أنه مرفوض من السوريين ومن عدد من دول المنطقة٬ ولن يكون سهل التنفيذ حتى لو تقرر. وتردد حديثا حل الطرح الفيدرالي٬ ولا أعرف كيف يمكن أن تلائم الوضع الحالي. استقرار الدولة شرط للفيدرالية٬ وفي سوريا لم تعد هناك دولة مؤسسات٬ وهي تصلح كحل لنظام يحتاج ترتيبات إدارية داخلية وليس لبلد في حالة احتراب!

هل يمكن تحقيق أي من الحلول السابقة٬ على افتراض أن الدول الكبرى قد تؤيده؟ من يعرف طبيعة النزاع يدرك استحالة حل يجمع بين الأسد والمعارضة٬ الممكن ربما إدخال المعارضة في هيكل النظام من دون قياداته العليا٬ وتحديدا الأسد. وسوريا ليست يوغسلافيا يمكن تقسيمها٬ لأن مكوناتها الاثنية لم تعد تعيش ضمن حدود يمكن تقسيم البلاد وفقها.

أما إذا كانت المفاوضات ملهاة فقط لوقف الحرب دون حل٬ فإن إلهاء الأطراف المتنازعة٬ وإشغالهم بالتفاوض٬ لن يديم السلام طويلا٬ وسيعود القتال إلى وتيرته السابقة وربما أكثر.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سوريا وفكرة وقف الحرب سوريا وفكرة وقف الحرب



GMT 12:55 2021 الخميس ,11 آذار/ مارس

الضرر البيئي في سوريا أخطر من أضرار الحرب!

GMT 13:19 2021 الإثنين ,01 آذار/ مارس

وحدة المسار

GMT 13:01 2020 السبت ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

دروس في الديمقراطية من لدنا

GMT 07:45 2019 الأربعاء ,15 أيار / مايو

عيون وآذان (أخبار أجدها مهمة)

GMT 06:55 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

هل خان الأمريكيون حلفاءهم الأكراد

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia