الروس و«إنقاذ» الأسد من إيران

الروس و«إنقاذ» الأسد من إيران!

الروس و«إنقاذ» الأسد من إيران!

 تونس اليوم -

الروس و«إنقاذ» الأسد من إيران

عبد الرحمن الراشد

رغم أن نبوءة خلاف الرئيس السوري بشار الأسد مع حليفه النظام الإيراني مطروحة منذ زمن، فإن علاقة المصلحة دامت طويلاً، وللإيرانيين الفضل الحقيقي على الأسد ونظامه في حمايته من الانهيار التام حتى الآن، عندما شكلوا جيشًا ضخمًا من الميليشيات من عدة دول للقتال نيابة عنه، وعوضوه عن جيشه الذي تحلل بين منشق وقتيل.
وخلال الأسابيع القليلة الماضية لاحظنا أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين صار يتولى شخصيًا إدارة الملف السوري بعناية وتفاصيل دقيقة، ثم أظهرت الصور الاستخباراتية الأميركية نشاطًا روسيًا في سوريا.. فقد تم تعزيز قدرات مطار اللاذقية بمدرج ملحق، ومهبط للطائرات الهليكوبتر، وتغييرات في ملاجئ الطائرات، وحولوه من مطار مدني إلى قاعدة عسكرية، إضافة إلى قاعدة جوية قرب دمشق يقومون باستخدامها. ووصلت مئات المباني الجاهزة من روسيا، يرجح أنها مساكن لأكثر من ألفي عسكري روسي. وزادت شكوك الأميركيين بعد أن طلب الروس مئات الأذونات من عدد من الحكومات للسماح لطائراتهم العسكرية بالعبور جوًا نحو سوريا، ونقل طائرات لتجميعها هناك. وتأكد أن الروس يطورون طرطوس لتكون قاعدة عسكرية بحرية لهم، بعد أن كان الميناء المتوسطي مجرد «محطة بنزين» وخدمة صيانة للسفن الروسية! ما نيات موسكو؟ هل هو التقدم عسكريًا ضد حلف الناتو؟ أم إنقاذ الأسد من الانهيار؟ أم هو مشروع تفعيل فكرة تقسيم سوريا، بنقل الأسد ونظامه إلى الساحل وإقامة دولة علوية؟
الأستاذ إبراهيم الحميدي كتب أمس تحليلاً وافيًا، في جريدة «الحياة»، عرض فيه طرحًا مختلفًا.. يقول بأن مشروع التدخل الروسي العسكري يهدف إلى إنقاذ الأسد لكن ليس من براثن «داعش» أو المعارضة السورية المسلحة، بل من حليفته الأساسية، أي إيران! ومع أن رؤيته تخالف كثيرًا من المعطيات القائمة على الأرض التي تؤكد التعاون، إلا أن ما كتبه مثير ومهم. هو يفترض أن الإيرانيين يريدون إزاحة الأسد، الذي أصبح بالفعل ضعيفًا، ويعتزمون التقارب سياسيًا مع الولايات المتحدة التي هي اليوم في مواجهة مستمرة مع الروس بسبب الأزمة الأوكرانية.
يقول بأن الروس على خلاف مع الإيرانيين، ويعارضون مشاريعهم، مثل محاولتهم التغيير السياسي الديموغرافي، التي سماها وزير الخارجية الروسي «الهندسة الاجتماعية».. فقد حاول الإيرانيون مبادلة سكان بلدتين شيعيتين ونقلهم إلى مدينة الزبداني، وتفريغها من سكانها السنة. لكن نظرية الهيمنة الإيرانية، في رأيي، مضمونة الفشل، وذلك للسبب الديموغرافي نفسه؛ فالشيعة في سوريا أقلية صغيرة جدًا، خمسة في المائة فقط، والسنة نحو ثمانين في المائة، بخلاف الحال في العراق ولبنان. وهذا سبب فشل إيران في سوريا حتى اليوم، التي تعهدت بإعادة دولة الأسد لما كانت عليه قبل انتفاضة الربيع السوري، لكنها عجزت رغم ما أنفقته.
جاءت القوى الخارجية إلى سوريا بمشاريع يصعب تحقيقها، وربما مستحيلة؛ مثل جمع الأعداء في حكومة واحدة. وثان يعدّ العدو الوحيد «داعش». ومشروع ثالث طرح التقسيم وإقامة دولة علوية، أو دولة أقليات على ساحل البحر المتوسط. وجربت إيران وروسيا لأربع سنوات فرض مشروع واحد؛ المحافظة على حكم الأسد، وها هي تكتشف استحالة ذلك؛ لم يتبق عنده شعب، ولا موارد، ولا مصادر قوة، كالجيش والأمن، وزاد العداء ضده لأنه مسؤول عن قتل أكثر من ربع مليون من مواطنيه. أسهل المشاريع خلعه، لكن لصالح من؟ لن يكون ممكنًا تنصيب المعارضة المسلحة لحكم البلاد إلا بتوافق إقليمي عربي - إيراني - تركي. والواقع السوري صار معقدًا، وفي حال صحت رواية الخلاف الإيراني - الروسي فإنه سيزداد تعقيدًا.
منطقة الشرق الأوسط بعد الاتفاق النووي ستتغير؛ إيران قد تميل سياسيًا مع الولايات المتحدة، ضد سياسة الروس. وربما لهذا بوتين يريد استباق رياح التغيير بطرح الحل الإيراني نفسه، حكم يجمع الأسد وبعض المعارضة تحرسه قوات روسية، لكن مع إبعاد قاسم سليماني والحرس الثوري الإيراني، وحزب الله، وبقية الميليشيات الشيعية الأفغانية والعراقية!

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الروس و«إنقاذ» الأسد من إيران الروس و«إنقاذ» الأسد من إيران



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia