الخليج وأميركا من لا يَطلُب لا يُعطى

الخليج وأميركا: من لا يَطلُب لا يُعطى

الخليج وأميركا: من لا يَطلُب لا يُعطى

 تونس اليوم -

الخليج وأميركا من لا يَطلُب لا يُعطى

عبد الرحمن الراشد

ازدحمت الطاولة الرئيسية المستطيلة بالعشرين مشاركًا في كامب ديفيد ممثلين لسبع دول، بما فيها فريق المضيف الرئيس الأميركي باراك أوباما، مع وفود مجلس التعاون الخليجي. وما كان لهذا الاجتماع المهم أن يعقد لولا أن دولا خليجية رفعت يدها معترضة بقوة على إطار الاتفاق على البرنامج النووي الغربي - الإيراني. كان يمكن أن يكتفي الأميركيون بإرسال خطاب في الحقيبة الدبلوماسية إلى دول الخليج عن حيثيات الاتفاق دون أن يعير أحد اهتماما إلى رأيهم.

هذه المرة اضطربت العلاقة الخليجية - الأميركية، في الأسابيع التي تلت إعلان الاتفاق المبدئي مع إيران، وعبر عدد من المسؤولين الخليجيين عن غضبهم، وبعثوا برسائل مباشرة وغير مباشرة تحتج على الاتفاق والموقف الأميركي. وعلى وقعها دارت معركة دبلوماسية وإعلامية بين الجانبين. وقد جرب الرئيس أوباما أن يقلل من أهمية اعتراضات عرب الخليج، قائلا إن الاتفاق نتيجة مربحة لهم وللعالم، ثم حاول في بعض مقابلاته الصحافية الرد عليهم بقسوة ساخرًا، وأخطأ في أخرى معتبرًا أن إيران دولة تستحق الاهتمام أكثر، وأن تعوض عن سنوات القطيعة، وأن نظامها يصلح أن يكون شريكًا للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط. كل هذا زاد من غضب الطرف العربي الذي عبر عن رفضه، باعثًا بإشارات ضد التعاون مستقبلاً.

وما زاد في قيمة الاعتراضات أن الجانب الخليجي ظهر موحدًا بدوله الست، وكذلك حرص على أن يكون مُركِّزًا، وألا ينساق وراء مطالب عامة أو غير واقعية، ولم يقف ضد الاتفاق النووي لذاته، لأنه فعلاً في صالح الخليج والعالم، وليس ضد التصالح مع إيران، بل الاعتراض كان على إفلات الوحش الإيراني من قفصه دون ضمانات أمنية. أخيرًا، رغب مهندس الاتفاق، أوباما، أن يجتمع بالخليجيين كمجموعة واحدة، الذين جاءوا إلى كامب ديفيد بورقة مشتركة. ولم يقتصر لقاء القمة، الذي سبقته اجتماعات على مستويات المختصين، على حديث الاتفاق النووي وإيران، بل شمل كل القضايا التي تهدد المنطقة.

لم يحصل الخليجيون على كل مطالبهم، ولم يتجاهل الرئيس أوباما اعتراضاتهم. الأميركيون أعطوا تأكيدات على حماية منطقة الخليج من أي هجمات خارجية، والمقصود هنا طبعًا إيران، والخليجيون بدورهم تعهدوا بالتعاون الأمني، والمعني به ضد التنظيمات الإرهابية، ووافقوا على حل القضايا سلميًا، وكل هذا تم تحت عنوان جديد اسمه «الشراكة الاستراتيجية الأميركية - الخليجية».

ثلاثة اجتماعات طويلة كانت أفضل ما يمكن أن تختتم به هذه الزوبعة السياسية، ويطوى الخلاف الأسوأ في تاريخ العلاقة بين الخليجيين والأميركيين في سبعين عامًا. لم تحصل دول مجلس التعاون على ورقة ممهورة من الرئيس بالدفاع عن الخليج، لكن التعهدات الدفاعية كانت واضحة، وتماثل تعهدات الرؤساء الأميركيين السابقين. المهم في نظري أن الدبلوماسية الخليجية هذه المرة لم تكتف بالاعتراض الصامت، بل عارضت بصوت مسموع، وألحت على عرض مطالبها، فأنقذت علاقة استراتيجية قديمة ذات أهمية حيوية للطرفين.

ولم تفلح القيادة الإيرانية في تخريب أجواء المفاوضات بإطلاق النيران على السفينة السنغافورية، ولم تفلح تهديداتها بخرق الحصار البحري على اليمن، التي كانت تهدف إلى دفع المؤتمرين إلى الاختلاف.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخليج وأميركا من لا يَطلُب لا يُعطى الخليج وأميركا من لا يَطلُب لا يُعطى



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia