إيران ودفاعها المفاجئ عن الأكراد

إيران ودفاعها المفاجئ عن الأكراد

إيران ودفاعها المفاجئ عن الأكراد

 تونس اليوم -

إيران ودفاعها المفاجئ عن الأكراد

عبد الرحمن الراشد

يجب ألا نقلل من أهمية حرص الحكومة الإيرانية على نجدة أكراد العراق عسكريا، الذين وجدوا أنفسهم أمام خطر لم يحسبوا له حسابا من قبل، اسمه « داعش ». وقبل تحليل الموقف الإيراني ودوافعه، لا بد أن نعيد رواية ما حدث بعد سقوط مدينة الموصل العراقية التي دقت أجراس الخطر في كل مكان، واتضح للجميع أنه « داعش »، رغم مزاعم البعثيين ورفاقهم أنهم من هزموا قوات المالكي، وثبت عدم صحتها. وفيما العاصمة بغداد كانت تبني دفاعاتها استعدادا للمعركة، فاجأ مقاتلو التنظيم الإرهابي الجميع بالاتجاه شمالا، نحو إقليم كردستان العراق! والمفاجأة الثانية كانت هزيمة قوات البيشمركة، التي عرفت بأنها من أفضل الميليشيات تأهيلا وبأسا. لقد اتضح أنها مع سنوات الارتخاء الكردي، بعد هزيمة نظام صدام حسين قبل 10 سنوات، لم تعد بنفس الكفاءة. ولولا تدخل القوات الأميركية السريع جوا ربما تمكن الإرهابيون من الاستيلاء على مدن كردية رئيسة.

وقد تواترت أخبار تعبر عن غضب الكرد من العرب والحكومات العربية، حيث يلومونهم على «داعش»، وهذا إن كان صحيحا طبعا يعبر عن جهلهم بعلاقات « داعش » الإقليمية. أما إسراع إيران لنجدة سنة الأكراد العراقيين فهو يعبر عن استراتيجية إيران الثلاثية حيال العراق وسوريا وتركيا، كمنطقة هيمنة إيرانية لحماية نفوذها في بغداد، والسيطرة على شرق سوريا، والتأثير على العلاقة الكردية مع تركيا. العرب لا يملكون مخططات هيمنة أو نفوذ، في العراق أو سوريا، ويتحاشون إثارة شكوك تركيا. أما إيران فهي أقل حرصا على مراعاة قواعد التوازن الأمني الإقليمي، وراغبة بأي ثمن في الاستيلاء على العراق، بتقديم نفسها حامية للكرد السنة والعرب الشيعة. وأنا لا زلت غير مقتنع بالمبررات التي قيلت حول استدارة «داعش» نحو الشمال (كردستان)، وابتعادها عن بغداد، بما في ذلك ما كتبه وفيق السامرائي في جريدة «الشرق الأوسط»، وهو الأكثر خبرة منا في هذا المجال، مما يجعلنا نعيد التساؤل: كيف لتنظيم مستعد للموت بلا تردد يذهب إلى منطقة بعيدة ويتخلى عن العاصمة بغداد وهو لم يكن يبعد عنها سوى ثمانين كيلومترا فقط، من الفلوجة؟ على أية حال، «داعش» مجرد فاصل تاريخي قصير في زمن طويل من الصراعات الإقليمية، ولن يتذكر أحد « داعش » بعد بضع سنين، أما إيران فتريد أن تستولي على العراق لعقود مقبلة، وهذه هي اللعبة الإقليمية في الصراع على الأرض والنفوذ.

بكل أسف اهتمام الحكومات العربية بكردستان العراق محدود، لا يعادل اهتمام الولايات المتحدة وإيران، رغم أن هذا الإقليم يمثل «البلكونة» التي تطل منها القوى المختلفة على بغداد، منذ احتلال نظام صدام الكويت، وتمثل رقما مهما في لعبة التوازن في البرلمان والحكومة العراقية. وهيمنة إيران على العراق ستعني لاحقا بكل تأكيد استهداف منطقة الخليج العربية، لأنها هي محور المعارك الإقليمية والدولية، هي مركز الطاقة العالمي، والأموال، والتأثير السياسي.

وبالنسبة للأكراد فهم يشعرون بالامتنان للإيرانيين دون اهتمام بطبيعة أهدافهم، وخاصة أن الحكومات العربية لم تتواصل معهم حتى للإعراب شفهيا عن التضامن ضد خطر « داعش »، هذا ما قاله لي أحد مسؤولي الأكراد . والحقيقة أن قادة كردستان مخطئون في لومهم المبالغ فيه، فالحكومات العربية ليست مثل إيران ذات نوايا توسعية تبحث عن فرصة للدخول. وثانيا، « داعش » مشكلة عامة وليست خاصة بكردستان، وهناك أكراد يقاتلون في صفوف التنظيم الإرهابي وليس العرب فقط! وثالثا، فعلت «داعش» ما هو أسوأ وأعظم ضد سنة الأنبار، كما شربت من دماء السوريين الكثير، وقتلت المئات من شباب عشيرة الشعيطات السورية، وهم عرب سنة. وأخيرا، على الأكراد أن يتذكروا ما فعله رئيس الوزراء العراقي السابق، نوري المالكي، من إساءات لأكراد العراق وما كان ذلك كله تم إلا بالتوافق والتفاهم مع إيران حينها. لهذا لا تعتقدون أن نجدة الإيرانيين الطارئة لكردستان هي لوجه الله تعالى.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران ودفاعها المفاجئ عن الأكراد إيران ودفاعها المفاجئ عن الأكراد



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 19:19 2019 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

مراهق فلبيني يدخل فرّامة كفتة لتنتهي حياته

GMT 20:36 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

أفضل أنواع وتصميمات الأحذية الرياضية وطرق العناية بهما

GMT 05:00 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

مجلس الشيوخ الأميركي يقر تعيين أول مسؤول في إدارة بايدن

GMT 05:13 2019 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

نظام غذاء سري لأكبر أنواع أسماك القرش في العالم

GMT 06:08 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتي يعزز صدارته بفوز شاق على شيفيلد يونايتد

GMT 12:01 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

رونار وفكر الثوار

GMT 19:05 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 10:09 2021 الجمعة ,02 إبريل / نيسان

Isuzu تتحدى تويوتا بسيارة مميزة أخرى

GMT 18:28 2017 الثلاثاء ,11 تموز / يوليو

مجلس الشعب السوري ينفي إصدار بطاقات هوية جديدة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia