«الجنادرية» وسنوات الجدل الفكري

«الجنادرية» وسنوات الجدل الفكري

«الجنادرية» وسنوات الجدل الفكري

 تونس اليوم -

«الجنادرية» وسنوات الجدل الفكري

عبد الرحمن الراشد

ببلوغ منتدى ومهرجان الجنادرية ثلاثين عامًا، توقع البعض، خاصة بوفاة الملك عبد الله، رحمه الله، أنه اختتم مسيرته، لكن بانعقاده هذا العام تحت رعاية من الملك سلمان شخصيًا، صار مؤسسة وصرحًا ثابتًا. أما لماذا نرى «الجنادرية» مهما؟ فلأنه جزء من تاريخنا الثقافي الحديث، ويمكننا من خلال لقاءات هذا المنتدى السعودي المتعدد الثقافات أن نقرأ تاريخ عقود ثلاثة عاصرنا أحداثها السياسية والثقافية المختلفة. وليس مبالغة في القول بأنه في هذه السنين الثلاثين كان المنتدى نافذة مهمة هبت منها أفكار مختلفة على المملكة المحافظة، صارت موضوعات وندوات وجلسات في معظم سنوات المنتدى. طبعًا غني عن القول إنه مرت مواسم «جنادرية» لم تستطع مسايرة الصراعات الفكرية حينها، مما يوحي بأنه في داخل المنتدى والمجتمع نفسه جدل وكذلك خارجه، وهذا أمر طبيعي في مرحلة مليئة بالجدل حتى هذا اليوم.
معظم المواسم تميزت بأنها كانت مسرحًا كبيرًا للنقاش الفكري والسياسي، بتسامح حقيقي فتح الباب لحملة الآراء والاجتهادات المختلفة، في مجالات الثقافة المتعددة. وعلى منابرها جرت جولات كثيرة من الصراع الفكري، حضرها طيف من المفكرين والحزبيين، بما فيهم المحظورون من دخول المملكة من شيوعيين، وإسلاميين متشددين، من غربيين، وروس، وإيرانيين وعرب على خصومة سياسية مع الدولة. طُرحت فيها قضايا بلا حدود من الصحوة، والحداثة، ونهاية التاريخ، والعلاقة مع الآخر، والجدل السياسي والفقهي المعاصر. وبسبب هذا السقف المرتفع، هناك أسماء لمعت في المهرجان وبرزت من خلاله، وهناك أسماء لامعة كان محظورًا عليها دخول البلاد، استثنيت فاستضيفت. للتاريخ، لعب «الجنادرية» دورًا مهمًا في تشكيل علاقة السعوديين، النخبة والمهتمين بالثقافة، مع الأفكار والشخصيات، فأثرت وتأثرت. ربما طرح «الجنادرية» مشروعًا دعائيًا في بدايته ثم تحول إلى نشاط سياسي وثقافي رفيع. ولأن البعض لم يعتد على جرعة الجرأة سعى لتقييد المناسبة، لكنها استمرت. وحاول بعضهم اختصارها في النشاطات التراثية والترفيهية إنما بقي برنامجها يستوعب الأفكار المختلفة.
«الجنادرية» أكثر من منتدى واحتفالية سنوية، حيث لعب دور الجسر والرافعة. وبعد أن أكمل ثلاثين عامًا مثمرة يستحق أن يتحول إلى مؤسسة دائمة تنتج مناسبات مختلفة تتناسب مع التبدلات التي تشهدها المملكة والمنطقة. فالسعودية في حاجة لأن تكون دارًا للحوار والتطوير الفكري، هكذا كانت شهرة الجزيرة العربية وتاريخها. أيضًا، لا يمكن أن يكون هناك تطور دون أن توجد مختبرات للأفكار، ومنابر للحوار، وملتقيات للنقاش يستضاف إليها الجميع من أنحاء العالم.
كما أن «الجنادرية» خلق احتفالية حقيقية بتراث أهل المملكة، صار متحفًا ومزارًا لملايين المواطنين يستعيدون من خلاله تاريخهم الذي يكاد يندثر بسبب تسارع عجلة الزمن.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الجنادرية» وسنوات الجدل الفكري «الجنادرية» وسنوات الجدل الفكري



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia