مفكرة القرية موسم الريحان

مفكرة القرية: موسم الريحان

مفكرة القرية: موسم الريحان

 تونس اليوم -

مفكرة القرية موسم الريحان

سمير عطا الله
سمير عطا الله

مرة أخرى عن رواية «نارنجة»، جوخة الحارثي. منها أعرف أن عُمان أرض تكثر فيها الرياحين. وأتطلع حولي في القرية التي كانت تكثر فيها عطور الريحان ولوناه، الأسود والأبيض، فلا أرى شيئاً أو أثراً.
أنا من منطقة يكثر فيها الريحان حتى أن جبلاً كاملاً سمي باسمه: جبل الريحان. وأول مرة في حياتي رأيت جملاً يوم أفقت طفلاً على قافلة صغيرة تملأ ساحة القرية، الصغيرة هي أيضاً. وكان مشهد النوق رابضة تستريح وتأكل منظراً عجيباً ومفرحاً وفيه روعة. وما لبثنا أن عرفنا أن أصحاب القافلة جاءوا من بلاد بعلبك، يحملون العدس والبقول الأخرى، لكي يعودوا بالريحان. أو الآس. جاءوا مسافة نهار وليلة، جبالاً وأودية وغابات، حاملين من سهل البقاع الخصيب مثل ضفاف الأنهر، نتاجه السهل، يقايضون بنتاج الجبل الصعب، وما يحكى عنه من فوائد، خصوصاً لجمال الشعر عند النساء، ومكافحة الحصى عند الجميع.
كان الجمالون يصلون في الليل، فلا يشعر بوصولهم أحد، وينام كل منهم إلى جانب ناقته، مربتاً على عنقها، يخاطبها بكلام في محبة وامتنان، ثم يهدأ الجميع، وعندما يفيقون في الصبح تكون جلبة وضوضاء واستعادة صداقات من العام الماضي، ويتجمع الأطفال يتأملون في ذهول هذه الهياكل الهائلة الحجم، وقد نُزلت عن ظهورها أحمال العدس والحمص ومؤونة الشتاء، الذي سوف يكون طويلاً ومعتماً وشديد البرد، تغلق فيه البيوت، ولا يخرج أحد إلى مكان، وهنا عز المؤونة وأهميتها.
ومعظمها كان لقاء موسم الريحان الذي ينبت عندنا من تلقائه. لا يحرث ولا يُسقى ولا يُرض بالأدوية. مجاناً يظهر وينمو ويزهر ويعقد ويصير في أهمية العدس وسائر الحبوب. تستمر السوق حوالي ساعتين أو ثلاث. وينتظر الأطفال في الساحة لكي يروا تلك الأعجوبة الجميلة أيضاً: كيف تقوم الإبل الضخمة على ركابها وتنفض عن نفسها خدر الراحة، وتستعد لرحلة العودة في الجبال والأودية.
كيفما تطلعت حولي الآن، لا أرى ريحانة واحدة. العدس يأتي معلباً من فرنسا، والبقول الأخرى تأتي من بلاد بعلبك معلبة كذلك. تعرفت في غداء احتفالي على رجل ينادى «العميد»، فسألت إن كان عميداً في الجيش أو في الجامعة، فقيل إنه عميد أصحاب شركات الأغذية المعلبة. فسألني: وحضرتك؟ قلت أنا ريس الريحان في سالف العصر والأوان.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مفكرة القرية موسم الريحان مفكرة القرية موسم الريحان



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 00:00 2016 الخميس ,22 كانون الأول / ديسمبر

عليك النظر إلى المستقبل البعيد واختيار الأنسب لتطلعاتك

GMT 04:00 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

مستقبل إردوغان

GMT 13:21 2021 الخميس ,22 إبريل / نيسان

عملاق صيني للطرق الوعرة سيظهر العام الجاري

GMT 11:08 2021 السبت ,05 حزيران / يونيو

شركة كيا تكشف عن النسخة الأحدث من طراز K5

GMT 12:43 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة شخص وإصابة 2 بتصادم 3 سيارات في دبي

GMT 06:02 2012 الإثنين ,31 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق تعاون بين الأردن والكويت

GMT 12:58 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

آلات قطر الإعلامية والدينية.. والتحريض على مصر وجيشها

GMT 07:04 2021 الجمعة ,29 تشرين الأول / أكتوبر

كثرة التنقل

GMT 10:23 2021 الأربعاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

أفكار بسيطة لإضافة لمسة بوهيمية جذابة إلى منزلك
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia