حروب الصحافيين

حروب الصحافيين

حروب الصحافيين

 تونس اليوم -

حروب الصحافيين

سمير عطا الله
بقلم :سمير عطا الله

كان كبير العرب يقول إن الصحافيين يستسهلون ذم جميع الناس، وإذا ما انتقدهم أحد، أو شكا من افتراء أحد، أقاموا الدنيا وأقعدوها. وكانت حروب الصحافيين فيما بينهم كثيرة، كما كانت الأكثر حدة وقساوة، وأحياناً بذاءة وردحاً.
وأقصد هنا الصحافة «الشرعية»، أي «المسؤولة»، وليست المطبوعات الموسمية الصادرة بهدف الابتزاز والشتم والتهديد والاستخدامات الأخرى. وهذه تنمو كما ينمو الفطر السام إلى جانب الفطر الطبيعي، يحذر ولا يُقرب، ويختفي في غفلة كما ظهر. لكن حتى في الصحافة «الشرعية» نفسها، كانت المعارك مستويات، لمعات ذكية أو حجارة، سخرية أو فطنة، أو بدائية وثقل دماء. حدود بلا حدود. ضمن «قانون المطبوعات»، أو خروجاً عن كل قانون. ثمة حروب قامت وغطاها غبار السنين، ومنها ما بقي في ذاكرة المهنة، يتناقله أهلها الجدد، على أنه جزء من آدابها وتراثها.
إحدى أشهر تلك «المعارك» كانت من جانب واحد بين عميد «دار الصياد» وعميد الفطنة الساخرة سعيد فريحة، وبين الصحافي المقدسي ناصر الدين النشاشيبي. كان سعيد فريحة بارعاً وتلقائياً في صنع الصداقات، وكانت للنشاشيبي موهبة فائقة في صنع الخصومات والعداوات، في مرارة وقسوة. وكانت صداقاته لا تدوم أكثر من «مشوار الطريق» وعداواته بقيت، رحمه الله، من بعده.
كان سعيد فريحة صاحب موهبة نادرة ورجلاً متواضعاً، يشير إلى نفسه باسم «غريب الديار»، وكان النشاشيبي بلا موهبة خاصة أو حب للمهنة التي قال إنه «احترفها» بلا رغبة أو هوى. وفيما كان فريحة يكتب في «جعبته» الأسبوعية الجزلة عن حياة شاقة في اليتم والجوع والضنك، كان النشاشيبي يشير إلى نفسه بـ«الأستاذ الكبير»، ويتحدث دائماً عن تاريخ عائلته وعن خاله إسعاف النشاشيبي، أحد لغويي المرحلة. وبدأ ناصر حياته مديراً لإذاعة «شرق الأردن» مع الملك عبد الله الأول، ثم انتقل إلى مصر وأصبح ناصرياً ورئيس تحرير جريدة «الجمهورية»، ثم اختلف مع الناصرية ومع زوجته السيدة علياء الصلح، فعادت هي إلى بيروت وذهب إلى جنيف لينطلق منها مجدداً إلى حياة الشتات والتشتت.
وبعد فقدان فلسطين، جاء افتراق العائلة. وازدادت المرارة غضباً. وكان سعيد فريحة صديقاً للزعيم رياض الصلح، والد علياء. وكان هذا سبباً كافياً لأن يضمه ناصر إلى لائحة الأعداء. لكن من الأسباب الأخرى أيضاً أن فريحة كان صديقاً لعلي ومصطفى أمين، ومحمد حسنين هيكل. وهؤلاء كانوا أيضاً أصدقاء ناصر، وناصر لم يطق أن ينافسه «صبي الحلاق» السابق صداقاته، أصبح من أعلام صحافة العرب، ولم يكن يترك مناسبة إلا و«يلطش» صاحب «الجعبة» من دون أن يسميه. ولم يكن الرجل الكبير. أولاً لأنه لم يكن يملك الوقت، وثانياً لأنه كان يكره الغضب، لأنه إذا ما غضب، الويل لمن تجرأ على ذلك.
العام 1975 أصدر النشاشيبي واحداً من أفضل كتبه، أو أفضلها إطلاقاً، بعنوان «الحبر أسود... أسود» ووضع للكتاب مقدمة يتعالى فيها على الصحافة والصحافيين والسياسيين وسائر خلق الله. وأراد أن يصل الكتاب إلى القراء والمقدمة إلى الزملاء، فأرسل نسخة من كتابه الجديد إلى سعيد فريحة.
إلى اللقاء...

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حروب الصحافيين حروب الصحافيين



GMT 13:18 2021 الإثنين ,30 آب / أغسطس

مسلسل المشروعات الوهمية لن يتوقف!

GMT 13:16 2021 الإثنين ,30 آب / أغسطس

حين يرجع العراق

GMT 05:46 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

المشتبه بهم المعتادون وأسلوب جديد

GMT 05:29 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

هل يستطيع الحريري؟!

GMT 00:24 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الحديث عن زلازل قادمة غير صحيح

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:21 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الجدي الخميس 29-10-2020

GMT 14:05 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الأسد الخميس 29-10-2020

GMT 08:29 2021 الجمعة ,07 أيار / مايو

مسلسل ''حرقة'' أفضل دراما رمضانية في تونس

GMT 05:48 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

اكتشاف تقنية جديدة تساعد في إنقاص الوزن الزائد

GMT 05:31 2016 السبت ,26 آذار/ مارس

البردقوش فوائده واستخدامه

GMT 00:15 2016 الثلاثاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

فوائد الشطة لعلاج مرض الصدفية

GMT 10:54 2013 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ندوة عن القبول في جامعات الولايات المتحدة في "أميركية دبي"

GMT 09:15 2021 الأربعاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

أيتام «داعش» مَنْ يعينهم؟
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia