ثلاث مصريات من لبنان البحر من ورائها

ثلاث مصريات من لبنان: البحر من ورائها

ثلاث مصريات من لبنان: البحر من ورائها

 تونس اليوم -

ثلاث مصريات من لبنان البحر من ورائها

سمير عطا الله
بقلم :سمير عطا الله

بين سيداتنا الثلاث، تبدو فاطمة اليوسف ظاهرة من ظواهر القرن العشرين. ليس فقط في مقاييس لبنان الصغير، الذي خرجت منه في الرابعة عشرة من العمر، ولا في مقياس مصر، التي وصلتها وهي – مصر – تخطو نحو الاستقلال والازدهار، بل في مقاييس حركة تحرر المرأة في العالم. ومن ثم تترك فاطمة اليوسف المسرح وهي في ذروة مجده ومجدها، وتدخل الحضرة الذكورية في عالم الصحافة، وتعلو بها الرتب، وتتصدر المرأة القادمة من لبنان، لا أب ولا أم، الصحافة الحديثة في مصر.
ولدت فاطمة اليوسف عام 1890 لأبوين من أصل تركي: محمد وجميلة محيي الدين اليوسف. بعد ولادتها مباشرة توفيت والدتها، فأودعها والدها أسرة مسيحية نادتها باسم روزا، فحافظت عليه رغم إساءة العائلة رعايتها. ثم توفي الأب. ودبّت المصيبة في عروقها. وعرضت عائلة صديقة للأسرة الراعية أن تهاجر روزا معها إلى البرازيل، ففرحت هذه بالفكرة، وفرحت أيضاً الصبية الجميلة بفكرة الخلاص من المعاملة الجافة.
ما أن رست السفينة في ميناء الإسكندرية، حتى تنشقت رائحة مصر والحرية. ونزلت تتمشى في شوارع المدينة، فأبهجتها هندستها وعمرانها الجميل. وتركت الباخرة تبحر من دونها، ومن خلفها لبنان وسنوات القسوة والحزن.
كلما فكرتُ في فاطمة اليوسف، أذهلتني شجاعتها التي لا تصدّق: فتاة في الرابعة عشرة تخرج وحيدة من بحر المجهول إلى مجاهل البر. وحيدة، في مدينة لا تعرفها، بلد لا تعرفه، عنوان واحد لا تعرف. بدل أن ترمي بنفسها في البحر رمت بها في البر. هذه إسكندرية 1912. أين أمضت الأشهر الأولى؟ حاولت بكل أدب أن أطرح السؤال على زوجها الأستاذ زكي طليمات، الذي كان يدرب المسرح الكويتي الناشئ في الستينات، وكنا نلتقيه غالباً في مقهى بسيط على الرصيف، إلى جانب الشيراتون اليوم. كان جواب المسرحي التاريخي أن تلك مرحلة قصيرة وعابرة في حياة روزا، لم تتحدث عنها كثيراً في أي حال. وعدت وطرحت السؤال في مقهى «الهيلتون» على ابنها الشهير، إحسان عبد القدوس، عندما التقيته غير مرة، مع بطلته في «أنف وثلاث عيون»، الروائية حنان الشيخ. وكان إحسان العملاق والساحر، والذي له البشرة التركية البيضاء، والشبه الكلي مع معالم الأم التي أورثته أجمل الطباع، عن تلك المرحلة، فكان يجيب الروائيين الباحثين دائماً عن خاتمة سعيدة لكل ما سبق من فصول مأساوية.
إلى اللقاء...

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثلاث مصريات من لبنان البحر من ورائها ثلاث مصريات من لبنان البحر من ورائها



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:21 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الجدي الخميس 29-10-2020

GMT 14:05 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الأسد الخميس 29-10-2020

GMT 08:29 2021 الجمعة ,07 أيار / مايو

مسلسل ''حرقة'' أفضل دراما رمضانية في تونس

GMT 05:48 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

اكتشاف تقنية جديدة تساعد في إنقاص الوزن الزائد

GMT 05:31 2016 السبت ,26 آذار/ مارس

البردقوش فوائده واستخدامه

GMT 00:15 2016 الثلاثاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

فوائد الشطة لعلاج مرض الصدفية

GMT 10:54 2013 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ندوة عن القبول في جامعات الولايات المتحدة في "أميركية دبي"

GMT 09:15 2021 الأربعاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

أيتام «داعش» مَنْ يعينهم؟
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia