ماذا تفعل فوق

ماذا تفعل فوق؟

ماذا تفعل فوق؟

 تونس اليوم -

ماذا تفعل فوق

سمير عطا الله
سمير عطا الله

ثمة ازدحام شديد على سطح القمر. وبالتحديد - للذين يهمهم الأمر - في المنطقة المعروفة بـ«بحر العواصف». لقد أرسل الصينيون مركبتهم القمرية رقم خمسة من أجل جمع عيِّنات من الحجارة والصخور والأتربة التي عثر عليها الرائد الأميركي نيل أرمسترونغ، عندما أصبح أول رائد بشري يهبط على سطح القمر معلناً، بكل اعتزاز، أنها «خطوة عظيمة من أجل الإنسانية».

الحقيقة أن الخطوة العظيمة لم تكن في ذلك الخلاء الكوني الهائل، وإنما في مختبرات هنا على الأرض ما بين نيويورك وموسكو وبكين، وسائر المدن «الكبرى»، التي عثرت على لقاح يواجه الكارثة الوبائية التي تضرب الإنسانية منذ أكثر من عام.
ما من أحد يعرف إلى أين ستؤدي ريادات العلم في نهاية المطاف. فلا شك أنه حقق كثيرا لأهل الأرض، فيما هو يُفاخر بعيداً خارج جدارها ومدارها، بحثاً عما تكنه الكواكب الأخرى. وأنا، على انبهاري بأداء العلوم وتواضع معرفتي بها، كنت أتمنى لو أن أهل الكواكب الأخرى الذين نتكبّد كل هذه الأموال بحثاً عنهم، هم الذين يقومون بهذا المجهود. فإذا كان هناك حقاً من كائنات فضائية، فلماذا لا نترك لها شرف السباق، وننصرف هنا إلى سباقاتنا البدائية في حصر الأمراض ومحاربة الأوبئة والحؤول دون ظهور وانتشار جرثومة غير مرئية تدّمر اقتصاد العالم وتزيل تقاليده ومشاعره، وتبدّد ما تبقّى من أعراف إنسانية؟
عاش العالم طوال قرون في سباق التسلح، من العصر الحجري إلى العصر النووي. وكانت نتائج هذا السباق على مر تلك العصور، واحدة: طبقات من الدمار، وطبقات من المجاعة، وطبقات من الموت. أما السباق من أجل الحياة والتقدم فقد حوّل الإنسان من مخلوق يائس أمام الجوع والمرض والإعاقة والنوازل الطبيعية، إلى كائن قادر على مواجهة هذه المصائب إلى حد بعيد. قبل أن نصل إلى اختراع لقاح ضد «كورونا»، كان قد اختُرع منذ عشرات السنين الثوب العازل الذي يرتديه الممرضون لحماية أنفسهم من المصابين. وكان قد اختُرعت أشياء تبدو لنا في آية البساطة الآن لكنها آية في الأهميات مثل الكرسي المتحرك والسرير المتحرك وسيارة الإسعاف، وسواها من وسائل تبدو للرجل المعاصر جزءاً عادياً ومتوافراً في كل مكان.
مرّ نبأ المركبة الصينية القمرية في باب «المتفرقات» والمنوّعات والتسالي، وليس في باب العلم أو مقدرة الصين على اللحاق بالقوة الأميركية. ولو حصل في زمن أكثر هدوءاً فلربما استحوذ على اهتمام أكثر، ونُظر إليه على أنه تطور استراتيجي مهم. لكنه حدث في الوقت الذي ينقسم أهل الأرض بين مُرتعد خائف، ومتأمل، فَرِحَ حيال وباء واحد وعلاج واحد. وتابع الناس أخبار «كورونا» كمن يتابع أخبار الحروب الكبرى، وكذلك تابعوا أخبار اللقاح وكأنهم يتابعون أخبار الهدنات الكبرى والخوف عليها من الاختراق أو الانهيار. عندما كثرت في الخمسينات والستينات أخبار السفن والمخلوقات الفضائية، تحول الموضوع إلى رسوم كاريكاتورية مضحكة، هكذا بدا خبر المركبة الصينية الخامسة. إنها حقيقة، في كوكب آخر.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا تفعل فوق ماذا تفعل فوق



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 02:37 2015 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي علي أجود أنواع البلسم الطبيعي للشعر المصبوغ

GMT 02:12 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

سيرين عبد النور تتألق بالبيج والنبيتي من لبنان
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia