إنما عاتب على قدري

إنما عاتب على قدري

إنما عاتب على قدري

 تونس اليوم -

إنما عاتب على قدري

سمير عطا الله
سمير عطا الله

لا أدري لماذا لا أزال أتابع أخبار لبنان. هل هو اللاوعي في مهنة الصحافي، أم الخوف في حياة المواطن، أم هو الحب القديم - الأول إذا شئت - لبلد كان ذات يوم جميلاً ورائقاً وراقياً؟ التساؤل، في حد ذاته، يعني، أنه ليس خياراً.

لكنني لكما تابعت سلوك السياسات اللبنانية، أو السياسات في لبنان، أزداد عتباً على قدري أنني ولدت في لبنان، وندماً على قراري، أنني بقيت فيه، وعدت إليه.
وجدت نفسي في هذه الحال الوجدانية مرات عدة. لكن هذه أصعبها. هذه أول مرة أرى اللبنانيين كما هم، ولا أستطيع أن أعثر لهم على عذر. وطبعاً، لا أريد. لا الجهل مقبول كعذر، ولا الخيانات في فئة الذرائع، ولا الثرثرة تدخل في حساب العمل الوطني. ولبنان اليوم في هذا الجحيم. وطن في حالة النزف وسياسيوه غير قادرين على المهادنة من أجل تشكيل حكومة. وطن تحت حبل المشنقة الأخير، وجلادوه حوله يتجادلون: حكومة سياسيين، أم أخصائيين، أم فلنبق على الحكومة التي في ظلها تناثرت بيروت قتلى وجرحى ومشردين، فخرجت على الناس تقول: إنها سوف تحدد المسؤولين خلال خمسة أيام.
بعد شهرين من الأيام الخمسة حاولت وزيرة العدل، وهي سيدة محترمة في حكومة هواة ومحسوبين، أن تغطي الخطأ المضحك بالقول: إن المقصود بالخطأ المضحك ومهلة الأيام الخمسة هو «التحقيق الإداري». لكن في التحقيق الإداري الرجل الوحيد الذي رفض التوقيع هو رئيس الجمهورية، لأن أحد المديرين المعنيين من محازبيه.
حتى اللحظة لا توقيع ولا حكومة، ولا مبادرة فرنسية، واعتذار رئيس مكلف ومحترم عن تشكيل حكومته، لأن مهمته التاريخية ضاعت بين أقدام التاريخ واجترار الحاضر. حتى الآن البلد الواقع في النزع الأخير بين وباء كورونا وطاعون السياسة اللبنانية لا يبحث عن حكومة، بل عن رئيس حكومة. تماماً. تماماً. تماماً، مثل الطاعون الذي ضرب فلورنسا في القرون الوسطى، فيما وجهاؤها يتسلون بالحكايات.
صحيح أن لبنان اعتاد الجاثوم السياسي من زمان، لكن هذا الكابوس الجاثم اليوم على صدره وصدور أطفاله، هذا الخانوق المضاعف، بين كورونا والجدل السياسي، يشكل انحداراً لزجاً يسرع الوطن في الانزلاق عليه، بعدما سبقته الدولة على الزلاجة نفسها.
هل هناك فارق بين الدولة والوطن؟ نعم. الأولى، قابلة للتعديل والنقاش وتبديل القوانين، أو سن الجديد منها، أما الوطن فعكس ذلك، حقيقة مطلقة. وليس وجهة نظر. كلما تأملت لبنان أشعر بالخجل. الكونغو صار وطناً. ماكرونيزيا صارت وطناً. بليز، وبالاو، وسان مارينو، وطونغا، وطوفالو، ونحن نضع لبنان على حافة حرب أهلية كلما أردنا أن نشكل حكومة.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إنما عاتب على قدري إنما عاتب على قدري



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 18:08 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:11 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الميزان الخميس29 -10-2020
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia