سمير عطا الله
قرر الراوي، في مرور ربع قرن على زواجه، وقررَت معه زوجته، أن يحتفلا بالمناسبة بطريقة مختلفة تماماً، عن السنوات الماضية. وفي البحث عن الاختلاف، استبعدا، أولاً، أوروبا، والأماكن المعروفة في آسيا. وكان صاحبنا قد «وضع عينه» على ممثلة جذابة في أحد مسلسلات الحريم التركية، فقال، متظاهراً ببراءة الذئاب، «يتحدثون هذه الأيام كثيراً عن تركيا، ما رأيك في منتجع ناء على الساحل التركي؟»، وجاء الرفض فورياً وحاسماً: «اتفقنا على شيء مختلف، فما هو الفرق بين تركيا وبلادنا؟»، فخاف أن يعترف بالفرق، وقال صاغراً: «إذن ماذا تقترحين؟».
قالت: أفكر في مكان مثل الهند. وقال بدوره: فكرة رائعة. لكن إذا ذهبنا إلى المدن المعروفة والمليئة بالسياح فأين الاختلاف، فلنبحث عن وكالة سفر مختصة بالأماكن المجهولة. وفي سرعة خاطفة تناول «اللاب توب» وراح «يبحبش» عن طلبه، وبعد ربع ساعة كان قد عثر على وكالة «كومار وكومار للرحلات في الداخل الهندي».
اتصل فوراً بالوكالة وطلب التحدث إلى السيد كومار. وقالت عاملة الهاتف، بلطف مماثل للأفلام الهندية: أيهما؟ فتحير وأجاب، «لا يهم». عادت مانغالا ابنة الهند، تقول بالطريقة الغنائية السينمائية: «أنت تعرف أن السيدين كومار توأم...»... وقبل أن تكمل قال: «الثاني منهما».
تلقى كومار الثاني المكالمة قائلاً «هنا كومار من شركة كومار وكومار، كيف أستطيع أن أخدمك؟»، قال الراوي للسيد كومار «زوجتي وأنا نريد الاحتفال بربع قرن على زواجنا، ونبحث عن أبعد مكان عن صخب العصر». وهتف السيد كومار من شركة كومار وكومار، «لقد بلغت المكان الأنسب في الوقت المناسب. نحن نروج الآن لرحلة سياحية في منطقة لم يعرفها أحد من قبل».
اتفق الراوي مع السيد كومار من شركة كومار وكومار، على التفاصيل: التذكرة. مطار الوصول. مدة الإقامة. والدليل المرافق. وفي المطار شاهد الزوجان رجلاً من السيخ يحمل لوحة عليها اسماهما بالإنجليزية والهندوسية. سلم وانحنى وتقدمهما إلى سيارته. وكانت، بعكس الدليل، في حوالي العشرين من العمر.
سأل الراوي الدليل السائق عن مدة الرحلة إلى الفندق، فأجاب باحترام «ثلاث ساعات». وتطلع العريس المحتفل بعروسه، ثم بدأت رحلة الاحتفال المختلف. ونامت الزوجة بينما راح الزوج يمتع النظر بالغابات وأشباه العراة والمواشي السارحة.
وصل الركب إلى المنتجع في المساء. وكان الضوء الوحيد ضوء سيارة المرافق. وضوء صالة الاستقبال. ورحب بهما الموظف بحرارة. ورافقهما إلى غرفة فيها سرير خشبي من أيام الاستعمار البريطاني. وسأل العريس الموظف عن مفتاح الإنترنت، فقال إن أقرب واحد على بعد 50 كيلومتراً.
قال الراوي: صباح اليوم التالي عدنا في رفقة الدليل إلى المطار. واتصلت بالسيد كومار، من شركة كومار وكومار، وقلت له إن الرحلة كانت مختلفة أكثر بكثير مما تخيلنا. فأعرب السيد كومار من شركة كومار وكومار عن امتنانه للإطراء.