بين الحرية والوحشية

بين الحرية والوحشية

بين الحرية والوحشية

 تونس اليوم -

بين الحرية والوحشية

سمير عطا الله
سمير عطا الله

هذه كتب ومواضيع لا أقرأها، ولا أقرأ عنها، ولا تتحمل نفسي الاطلاع عليها. لكن في الأسابيع الأخيرة، كلما تصفحت جريدة عالمية من الصحف التي اعتدتُ قراءتها منذ عقود، صدمني عنوان آخر حول موضوع واحد: المشاهير والاستغلال الجنسي، والسلوك الوحشي بين الأقارب والأنساب، وخصوصاً بين المؤتمنين، مثل أزواج الأمهات.
فرنسا يقشعر بدنها لسبب كشف ابنة الوزير السابق برنار كوشنير، عما فعله زوج أمها، أوليفيه دوهاميل، بها وبشقيقها التوأم، يوم كانا قاصرين. ودوهاميل من العائلات الفرنسية البارزة، وكان يشغل منصب كبير الأمناء لمعهد العلوم السياسية، إحدى أهم المؤسسات العلمية في البلاد. وقد استقال هذا من مناصبه، ولكن بعدما دمّر حياة شخصين على الأقل.
وفي باريس أيضاً، أصدرت الكاتبة فانيسا سبرنغورا مذكرات بعنوان «قبول»، تروي فيها كيف اعتدى عليها الناشر غابرييل ماتزيف، مذ كانت في الرابعة عشرة وهو في الخمسين من العمر. وأفاقت إسرائيل الأسبوع الماضي لتقرأ مذكرات غالية اوز، ابنة أشهر كتّابها آموس اوز، والوحشية التي كان يعاملها بها: «كان يشدني من شعري خارجاً وهو يصيح غاضباً: ما أنت سوى وسخة رديئة». وفي نيويورك صدر كتاب جديد عن الممثل وودي آلن، الذي اعتدى على ابنة زوجته، الممثلة ميا فارو، وهي في السابعة من العمر. وفي لوس أنجليس صدرت مذكرات الدكتورة تانيا سلفرتانام، عن المعاملة الوحشية التي لقيتها من والدها، الطبيب النفسي، ومن والدتها. وهما من سريلانكا.
جميعها قصص عن وجوه بارزة في مجتمعاتها، تتخفى وراء أقنعة عادية وتعيش في الخفاء حياة تأباها الغابات. وآموس اوز كان يطرح لنفسه صورة الأديب الإنساني المتعاطف حتى مع العرب، فيما يمارس على ابنته معاملة سادية لا تُصدق.
في نيويورك كنت أذهب مساء كل اثنين إلى فندق للتمتع بفرقة الجاز المؤلفة من أربعة عازفين متقدمين في السن. عازف «الكلارينت» بينهم كان وودي ألن، الذي يترك خلفه ثروة ضخمة ويأتي لممارسة هوايته، ثم يسلّم على الحضور بكل تواضع. كان منزل وودي آلن قريباً على الأرجح من منزل سفير لبنان. وكلما ذهبت مع غسان تويني إلى الغداء في المطعم المجاور، يكون المطعم خالياً أغلب الأوقات، إلا من طاولة صغيرة يجلس إليها وودي آلن برفقة أمه العجوز. وكنا نعجب بهذه الشهامة الأخلاقية، غير عارفين أن الوجه الآخر هو لرجل منحرف يقوم بتدمير حياة طفلة في السابعة مدى العمر.
تهاجم الصحف الغربية ظاهرة زواج القاصرات عند بعض المسلمين. وتهاجم أيضاً ظاهرة التحرش في الغرب. لكنها بدأت تنتبه الآن إلى مدى استفحال زنى المحارم والاعتداء على الأطفال. وأدّت فضيحة دوهاميل إلى قيام حملة وطنية لمواجهة الظاهرة. لا بد من وضع حد بين الحرية والوحشية.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بين الحرية والوحشية بين الحرية والوحشية



GMT 18:04 2021 الثلاثاء ,11 أيار / مايو

العلاقات السعودية - الايرانية… وبيل غيتس

GMT 13:22 2021 الأربعاء ,10 آذار/ مارس

رسائل إيرانية الى اميركا تنطلق من اليمن

GMT 13:12 2021 الأربعاء ,10 آذار/ مارس

عن العراق المعذّب الذي زاره البابا

GMT 13:09 2021 الأربعاء ,10 آذار/ مارس

فلسطينية في «ناسا» الأميركية

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 00:00 2016 الخميس ,22 كانون الأول / ديسمبر

عليك النظر إلى المستقبل البعيد واختيار الأنسب لتطلعاتك

GMT 04:00 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

مستقبل إردوغان

GMT 13:21 2021 الخميس ,22 إبريل / نيسان

عملاق صيني للطرق الوعرة سيظهر العام الجاري

GMT 11:08 2021 السبت ,05 حزيران / يونيو

شركة كيا تكشف عن النسخة الأحدث من طراز K5

GMT 12:43 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة شخص وإصابة 2 بتصادم 3 سيارات في دبي

GMT 06:02 2012 الإثنين ,31 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق تعاون بين الأردن والكويت

GMT 12:58 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

آلات قطر الإعلامية والدينية.. والتحريض على مصر وجيشها

GMT 07:04 2021 الجمعة ,29 تشرين الأول / أكتوبر

كثرة التنقل

GMT 10:23 2021 الأربعاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

أفكار بسيطة لإضافة لمسة بوهيمية جذابة إلى منزلك
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia