تعويض

تعويض

تعويض

 تونس اليوم -

تعويض

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

«القرى الصغيرة تكثر فيها الشخصيات». قول لا ينسى، لكنني للأسف نسيت اسم قائله. هكذا يحدث مع الوقت. يبقى القول ويضيع القائل في سراب النسيان. من دون جهد يضيع. والناس تواطأت من زمان على تخفيف حمل الذاكرة: القائل ليس مهماً إلا في الفروض المدرسية وامتحانات الدخول. تلك هي مهارة الذاكرة، أهم البراعات في العقل. هي تقرر: الأهم والمهم والمنسي. الدائم والعابر والمستبقي. وزال من الذاكرة صاحب ذلك القول. والحقيقة أن الأمر غير مهم على الإطلاق، لأنه قول شاعري بغير دقّة. الصحيح أن الشخصيات والطباع موجودة في كل مكان وكثيرة في المدن، لكننا نعرف بها في القرى لأن القرى صغيرة. وهل المدن إلا قرى تجمعت مع السنين بعضها على بعض؟ وماذا كانت لندن سوى قرى؟ لكن «الشخصيات» تضيع في المدن. ولولا صنايعية عباقرة مثل نجيب محفوظ لما تذكرتَ أن المدن معرض للطباع. لكن توفيق الحكيم اتبع المدرسة القديمة دون عناء: ذهب إلى الأرياف وعاد منها بيوميات جاهزة وما عليه سوى أن ينسخ ويسجل: القاضي والشرطي والأفندي واللغة والحوار والعمدة والأسطى والشاويش.
اللوحة جاهزة في القرى: صيّاح القرية، والفتوة والبقّال الموالي للحكومة. ولعله مُخبِرُها أيضاً. ويقدم لمؤيديها معاملة خاصة يمنعها عن المعارضين، كما يستقبل المؤيدين بالابتسامة والتأهيل وبالكاد يرد تحية المعارضين، أو يسألهم عن أبنائهم. مزعجة الأمكنة الصغيرة. وتهدّئ الناس أعصابها بتمضية الوقت في الحقول، حيث لا تفل الوحدة إلا بالوحدة، كما لا يفل الحديد إلا بالحديد. وهذا أيضاً قول لا أعرف صاحبه، لكن لا بد أنه واحد من اثنين: فيلسوف أو حداد. والأرجح أنه القائل أيضاً: «ما بين المطرقة والسندان». وله فضل عظيم على الكسالى وخاملي العقول ومداومي «قهوة النشاط»: يرددونه مثل «إف» و«تبّاً» وعلى قول المثل، ويكرر خاملو الصحافة العناوين والكليشيهات طوال الأيام والسنوات، ثم العمر. ثم يكررها من بعدهم ورثة الخمول والتنبلة وذبابة تسي، تسي، مسببة النوم الطويل.
واللوم في الصحافة ليس على عبقري «المطرقة والسندان»، بل على المسؤول الذي يمسك برأس كل من يستخدم هذه التعابير، ويفقعها مطرقة من هنا وسنداناً من هناك ويطلب تعويضاً عن الضرر الذي ألحقه بهما.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تعويض تعويض



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:21 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الجدي الخميس 29-10-2020

GMT 14:05 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الأسد الخميس 29-10-2020

GMT 08:29 2021 الجمعة ,07 أيار / مايو

مسلسل ''حرقة'' أفضل دراما رمضانية في تونس

GMT 05:48 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

اكتشاف تقنية جديدة تساعد في إنقاص الوزن الزائد

GMT 05:31 2016 السبت ,26 آذار/ مارس

البردقوش فوائده واستخدامه

GMT 00:15 2016 الثلاثاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

فوائد الشطة لعلاج مرض الصدفية

GMT 10:54 2013 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ندوة عن القبول في جامعات الولايات المتحدة في "أميركية دبي"

GMT 09:15 2021 الأربعاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

أيتام «داعش» مَنْ يعينهم؟
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia