كتاب الشارقة طبيب الأطباء

كتاب الشارقة: طبيب الأطباء

كتاب الشارقة: طبيب الأطباء

 تونس اليوم -

كتاب الشارقة طبيب الأطباء

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

أليس مضحكاً تعريف التاريخ عندما تفكر فيه ملياً؟ إنه كل شيء. كل ما مرّ به الإنسان في كل العصور والمراحل. تاريخ المتناقضات والتلاقي والسلم والحروب والهدنات. منذ نحو ثلاثين عاماً كنت أذهب كل عام إلى بلدة هاي أون واي في مقاطعة ويلز التي تضم أكبر معرض دائم للكتب المستعملة. وأول ما أثار اهتمامي أحجام الأجنحة العربية: كتب تاريخ مصر بأعدادها الوافرة، وكتب التواريخ الأخرى، بأعدادها المتواضعة. طبعاً، الأمر عادي، خصوصاً إذا أخذنا في الحسبان المراحل الفرعونية.
في معرض الشارقة لم تكن كتب مصر غالية هذه المرة. لكن لفتني واقع تاريخي مثير وأنا أطالع كتاباً صادراً عن مكتبة الإسكندرية عن سيرة الطبيب الفرنسي «كلوت بيه»، وقد قدّم له، رئيس المكتبة ولولب الحركة الدكتور مصطفى الفقي.
لم أكن أتوقف عند سيرة الدكتور كلوت المذهلة بل عند تداخل التاريخين، المصري والفرنسي: جان فرنسوا شامبليون (1790 – 1832) عالم الآثار الذي فكك ألغاز اللغة (الهيروغليفية)، وفردينان دو لسبس (1805 – 1894) الذي ارتبطت باسمه قناة السويس: وطبعاً نابليون الذي حمل أول مطبعة في الشرق إلى بولاق، وتعريبها «البحيرة الجميلة».
مقابل الأسماء الفرنسية الراسخة في تطور مصر، ظهر خلال العدوان الثلاثي عام 1956 اسم رئيس الوزراء غي موليه، وأنتوني إيدن، وبن غوريون. وتدهورت العلاقة المصرية - الفرنسية يومها إلى القاع الأخير، إلى أن أعادها ديغول إلى سويتها بعد حرب 1967.
غير أن إنجازات كلوت بيه في حقل الطب لم يحملها فرنسي آخر: إنشاء مدرسة الطب، وإنشاء مجلس الخدمة الصحية، وإنشاء مجمع استشفائي في أبو زعبل، وتطوير لقاح ضد مرض الجدري، وإنشاء مدرسة لممرضات التوليد، وتفانٍ في حملة مصر على الكوليرا مما حمل محمد علي باشا على منحه لقب البكوية عام 1882. لم تتوقف مساهمات الطبيب الفرنسي القادم من مرسيليا عند علم الصحة، بل أنجز أعمالاً مهمة أخرى في علم الآثار وتوثيق تاريخ مصر.
يبدو فهرس الكتاب، الذي وضعه الدكتور برونو أرجيمي، وهو أيضاً طبيب من مرسيليا، كأنه تاريخ دولة لا رجل. ولعله كان من أهم اختيارات محمد علي، الذي استعان بالعلماء والخبراء وأرسل آلاف الطلاب إلى معاهد فرنسا. وقد تميزت تلك المرحلة «الخديوية»، إذا صحت التسمية، بالسعي إلى جعل مصر دولة في مصافّ أوروبا. وأوقعها أولئك الولاة الرؤيويون تحت ديون ثقيلة لكن استثمارها كان عظيماً. القناة مثالاً.
إلى اللقاء...

أليس مضحكاً تعريف التاريخ عندما تفكر فيه ملياً؟ إنه كل شيء. كل ما مرّ به الإنسان في كل العصور والمراحل. تاريخ المتناقضات والتلاقي والسلم والحروب والهدنات. منذ نحو ثلاثين عاماً كنت أذهب كل عام إلى بلدة هاي أون واي في مقاطعة ويلز التي تضم أكبر معرض دائم للكتب المستعملة. وأول ما أثار اهتمامي أحجام الأجنحة العربية: كتب تاريخ مصر بأعدادها الوافرة، وكتب التواريخ الأخرى، بأعدادها المتواضعة. طبعاً، الأمر عادي، خصوصاً إذا أخذنا في الحسبان المراحل الفرعونية.
في معرض الشارقة لم تكن كتب مصر غالية هذه المرة. لكن لفتني واقع تاريخي مثير وأنا أطالع كتاباً صادراً عن مكتبة الإسكندرية عن سيرة الطبيب الفرنسي «كلوت بيه»، وقد قدّم له، رئيس المكتبة ولولب الحركة الدكتور مصطفى الفقي.
لم أكن أتوقف عند سيرة الدكتور كلوت المذهلة بل عند تداخل التاريخين، المصري والفرنسي: جان فرنسوا شامبليون (1790 – 1832) عالم الآثار الذي فكك ألغاز اللغة (الهيروغليفية)، وفردينان دو لسبس (1805 – 1894) الذي ارتبطت باسمه قناة السويس: وطبعاً نابليون الذي حمل أول مطبعة في الشرق إلى بولاق، وتعريبها «البحيرة الجميلة».
مقابل الأسماء الفرنسية الراسخة في تطور مصر، ظهر خلال العدوان الثلاثي عام 1956 اسم رئيس الوزراء غي موليه، وأنتوني إيدن، وبن غوريون. وتدهورت العلاقة المصرية - الفرنسية يومها إلى القاع الأخير، إلى أن أعادها ديغول إلى سويتها بعد حرب 1967.
غير أن إنجازات كلوت بيه في حقل الطب لم يحملها فرنسي آخر: إنشاء مدرسة الطب، وإنشاء مجلس الخدمة الصحية، وإنشاء مجمع استشفائي في أبو زعبل، وتطوير لقاح ضد مرض الجدري، وإنشاء مدرسة لممرضات التوليد، وتفانٍ في حملة مصر على الكوليرا مما حمل محمد علي باشا على منحه لقب البكوية عام 1882. لم تتوقف مساهمات الطبيب الفرنسي القادم من مرسيليا عند علم الصحة، بل أنجز أعمالاً مهمة أخرى في علم الآثار وتوثيق تاريخ مصر.
يبدو فهرس الكتاب، الذي وضعه الدكتور برونو أرجيمي، وهو أيضاً طبيب من مرسيليا، كأنه تاريخ دولة لا رجل. ولعله كان من أهم اختيارات محمد علي، الذي استعان بالعلماء والخبراء وأرسل آلاف الطلاب إلى معاهد فرنسا. وقد تميزت تلك المرحلة «الخديوية»، إذا صحت التسمية، بالسعي إلى جعل مصر دولة في مصافّ أوروبا. وأوقعها أولئك الولاة الرؤيويون تحت ديون ثقيلة لكن استثمارها كان عظيماً. القناة مثالاً.
إلى اللقاء...

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كتاب الشارقة طبيب الأطباء كتاب الشارقة طبيب الأطباء



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia