الآباء والبنون

الآباء والبنون

الآباء والبنون

 تونس اليوم -

الآباء والبنون

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

كانت تسمى الولايات المتصالحة. والساحل المتصالح. وقد أطلق البريطانيون عليها هذا الاسم بعد مجموعة من اتفاقات خلال القرن التاسع عشر، أوقفت الهجمات التي كان يقوم بها أهل المنطقة على السفن والبوارج المبحرة إلى الهند. كانت كل أهمية هذه الولايات بالنسبة إلى بريطانيا أنها واقعة على الطريق إلى الهند. لكن فجأة ظهر النفط في أبوظبي وتغير مقياس الأهميات. وبعد النفط جاء الاستقلال عن بريطانيا العام 1971. وقال الشيخ زايد بن سلطان لحكام الإمارات بعد احتلال إيران لجزيرتي الطنب الكبرى والصغرى، وجزيرة أبو موسى، أمامنا أمران: إما أن نظل مجموعة مبعثرة ومهددة، وإما أن نتحد في دولة حصينة. هكذا تحولت الولايات المتصالحة إلى دولة رئيسية على خريطة المنطقة والعالم: أبوظبي، دبي، الشارقة، أم القيوين، الفجيرة، رأس الخيمة، وعجمان.
في الذكرى الخمسين لقيام هذه الدولة، أرجو أن تسجل هذه الملاحظة: الهند التي كان أهل المنطقة يتعاملون بعملتها تتكل الآن في الكثير من دخلها على هذه الدولة التي كانت «واقعة على طريقها». وألوف البريطانيين يبحثون عن الدخل والدفء وأرفع مستويات المعيشة في المستعمرات الإمبراطورية السابقة.
سردية العقود الخمسة أقرب إلى الأسطورة. مثل واحد: صندوق استثمار أبوظبي يبلغ حجمه الآن تريليون دولار. قبل أعوام قليلة أجريت مقابلة مع رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد، وفي سؤال قلت له: «هل من سياسات استثمارية جديدة بعد بلوغ الصندوق ألف مليار دولار؟» وبكل عفوية وتواضع، أسرع إلى التصحيح: «الواقع أن الرقم هو 800 مليار».
كل الخليج سيرة عمرانية متقاربة نسبياً. ووضع جغرافي واستراتيجي متشابه. وقد ربطت الإمارات ذكرى إعلان الدولة باستشهاد رجالها في احتلال إيران لجزرها. الاستقلال والسيادة ليسا في الحجم. وقد طرأ ثمة تطور جوهري في سياسة الدولة حيال الجوار الإيراني المقلق. وانتقل الشيخ محمد بن زايد بالدولة من موقع الانتظار إلى مواقع الاندفاع. وواضح أن سياسة عربية جديدة تترسخ. بعد جيل الآباء هذا جيل البنين في الخليج. الآباء كانوا يتبعون سياسة الدراية في المحيط العربي المتقاذف، لكن المتغيرات فرضت نفسها على نحو لا رجوع فيه.
في خمسين عاماً قطعت الإمارات 50 دهراً إلى الأمام. وتراجع الثوريون 50 زمناً. هنا تبنى الجامعات والمعاهد وقوى الدفاع عن النفس، وهناك تبنى أبراج الكلام وتتساقط في آخر النص: شعوب تتمتع بأعلى الاقتصادات، وشعوب مطمورة بالورق.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الآباء والبنون الآباء والبنون



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:21 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الجدي الخميس 29-10-2020

GMT 14:05 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الأسد الخميس 29-10-2020

GMT 08:29 2021 الجمعة ,07 أيار / مايو

مسلسل ''حرقة'' أفضل دراما رمضانية في تونس

GMT 05:48 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

اكتشاف تقنية جديدة تساعد في إنقاص الوزن الزائد

GMT 05:31 2016 السبت ,26 آذار/ مارس

البردقوش فوائده واستخدامه

GMT 00:15 2016 الثلاثاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

فوائد الشطة لعلاج مرض الصدفية

GMT 10:54 2013 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ندوة عن القبول في جامعات الولايات المتحدة في "أميركية دبي"

GMT 09:15 2021 الأربعاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

أيتام «داعش» مَنْ يعينهم؟
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia