جزر صغيرة وبشر كثير

جزر صغيرة وبشر كثير

جزر صغيرة وبشر كثير

 تونس اليوم -

جزر صغيرة وبشر كثير

سمير عطا الله
بقلم: سمير عطا الله

اسمحوا لي أن أضيف بضعة أسطر إلى الزاوية التي كان عنوانها «سور أبيض في وجه سور الصين». أي أستراليا، التي كانت قبل اندفاع الصين إلى مراتب الدول الأولى، مجرد «بلاد فلاحية» خارج حركة العالم الحقيقية، ولو أنها جزيرة في حجم قارة. الحقيقة أن أستراليا - والأستراليين - كانت تشكل إساءة مضحكة إلى أجدادها الإنجليز، وتسيء إلى لغة شكسبير بلهجة قروية فجة. تماماً مثلما تسيء مقاطعة كيبك في كندا إلى أجدادها الفرنسيين. ولا أدري أيهما أسوأ، لكنْ كلاهما فظاعة.
فقط للتذكير، بدأت هذه البلاد الواقعة أسفل الكرة الأرضية عندما أراد البريطانيون إرسال المحكومين إلى مكان لا عودة منه. أرض شاسعة أكثرها صحارٍ حارة لا تطاق، ولكن فيها أيضاً ثلوج وجليد لا يحتمل، على مساحة 7.5 مليون كيلومتر مربع، لكن 70 في المائة من هذه المساحة الهائلة غير قابلة للسكن. قبل مائة عام قال أستاذ الجغرافيا في جامعة سيدني، إن عدد سكان البلاد خلال قرن لن يزيد على 20 مليوناً. وقامت الدنيا عليه. كان على حق. وسكانها اليوم 26 مليوناً. وتقطع الطائرة مسافة 3.200 كيلومتر بين مدينتين رئيسيتين، من دون أن تحلق فوق بلدة مأهولة. قارة، لكنها جرداء.
اضطهاد الرجل الأبيض للسكان الأصليين تجاوز القسوة التي عرفت في الولايات المتحدة أو أفريقيا. ألم نَقُل أنهم كانوا جميعاً من المجرمين المبعدين؟ وفي عام 1856 كتب صحافي «أبيض»: «في أقل من 20 عاماً نكاد نبيدهم عن وجه الأرض. قتلناهم كالكلاب. حاصرنا قبائل بأكملها حتى الموت. زرعنا فيهم الأمراض والأوبئة. عذبنا أطفالهم منذ الولادة. حولناهم إلى منبوذين في أرضهم، وسوف نستكمل إبادتهم قريباً». يبلغ تعدادهم اليوم نحو 800 ألف نسمة، ويعيشون في مناطق خاصة بهم، بعدما كانوا في الماضي نحو مائة ألف.
أثارت أستراليا الاهتمام عندما ألغت صفقة غواصات نووية مع فرنسا قيمتها 60 مليار دولار. البحار هي الخطر الأكبر. أما البر الداخلي فأي جيوش ستصل إليه بعد قطع أربعة آلاف كيلومتر من أي صوب كان؟
تخشى أميركا تطور العلاقات الأسترالية الصينية، لأن الصين هي أكبر شريك تجاري للقارة القريبة. كل سنة يصل إليها 4.1 مليون سائح صيني، كذلك يأتي إليها الطلاب الصينيون بالآلاف. وقبل سنوات سألت صحافياً أسترالياً عن الوضع الاقتصادي في بلاده، فقال: راقب البورصة الصينية. فكلما هي بخير نحن في خير.
شاركت أستراليا في حروب أميركية كثيرة، بينها حرب العراق، لأنها تستظل المظلة النووية الأميركية. وفي أي نزاع محتمل مع الصين، ليس لديها سوى هذه الحماية. وفيما يركز العالم اهتمامه على صراع الشرق الأوسط والقرم وأوكرانيا، تشعل الصين مخاوف أهل دائرتها الكبرى. وقد بدأت منذ سنوات توسيع مساحتها السيادية ببناء جزر صغيرة هي عبارة عن كمية من الصخور التي بنت فوقها طرقات ومراكز حكومية أخرى.
الصين تغير وجه العالم في كل مكان. غداً ستخرج روسيا من سباق التسلح، لأن وضعها الاقتصادي لن يسمح لها بذلك. وسوف تحل محلها الصين. وإذا بحثت عنها سوف تجدها في كل مكان: صحاري أستراليا. غابات أفريقيا، القطب الشمالي. الجنوبي. السوق الشعبية في أسيوط.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جزر صغيرة وبشر كثير جزر صغيرة وبشر كثير



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 03:04 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار مبتكرة لجعل مداخل المنازل أكثر جاذبية

GMT 11:39 2021 الإثنين ,27 أيلول / سبتمبر

القبض علي عملية هجرة غير شرعية في سواحل صفاقس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia