الجدولة

الجدولة

الجدولة

 تونس اليوم -

الجدولة

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

كنت في صدد وضع سلسلة من الزوايا حول المرأة عند العرب. أو نساء العرب. وكيف كانت النظرة إليها عند قدمائهم. واكتشفت سريعاً أن هناك أطناناً مما كُتب في هذا الباب منها ما يُنشر ومنها ما لا يُنشر، ومنها ما لا يُقرأ مهما كان الإنسان متقدماً في السن أو في القراءات أو في النضوج. ولعل قدماءنا الأعزاء كانوا بين الأكثر إباحية في الشعوب. لكن ضع هذا الجانب جانباً، وسوف يظل للمرأة اهتمام كبير، خصوصاً عند الكبار من الأدباء. وسوف تجد بحثاً كثيراً ووصفاً ثرياً لخصائص المرأة عند الجاحظ وابن حزم الذي ترك لنا، في أشهر ما ترك، كتاب «طوق الحمامة»، إضافة إلى أربعمائة مؤلف آخر. أما كيف وجد الوقت والعزم والصبر على كل ذلك، فالمرء لا يستطيع أن يستوعب كل هذه الغزارة والتنوع. وقد أذهل هذا الأندلسي قراءه الإسبان، فيما أذهلهم المسلمون الآخرون خلال ثمانية قرون من الإبداع والفكر والفنون والفلسفة.

ولولا بلاغة الجاحظ لخُيل إليك أن ما تقرأه دليل عن أدلة جمعيات ملكات الجمال، وليس نصاً أدبياً من نصوص العصور الأولى. ويبدو، خلافاً للأدباء الآخرين، أنه كان مختلف الذوق في نظرته إلى مقاييس الجمال. وقد انتقد التشابيه التي لجأ إليها مجايلوه. واتفق مع الذين قالوا إن المرأة الأجمل هي «المجدولة»: «ورأيت أكثر الناس من البصراء بجواهر النساء الذين هم جهابذة هذا الأمر يقدمون المجدولة. والمجدولة من النساء تكون في منزلة بين السمينة والممشوقة، ولا بد من جودة القد وحسن الخرط واعتدال المنكبين واستواء الظهر. ولا بد من أن تكون كاسية العظام بين الممتلئة والقضيفة، دائماً يريدون بقولهم مجدولة: جودة العصب وقلة الارتخاء وأن تكون سليمة من الزوائد والفضول.
ولذلك قالوا خمصانة وسيغانة وكأنها جان، وكأنها جدل عنان، وكأنها قضيب خيزران. والتثني في مشيتها أحسن ما فيها، ولا يمكن ذلك الضخمة والسمينة وذات العضول والزوائد، على أن النحافة في المجدولة أعم، وهي بهذا المعنى أعرف، وهي بهذا المعنى تحبب على السمان الضخام وعلى الممشوقات والقضاف، كما تحبب هذه الأصناف على المجدولات. وقد وصفوا المجدولة بالكلام المنثور فقالوا: (أعلاها قضيب وأسفلها كثيب)».
لم يترك الجاحظ شأناً لم يكتب فيه. كذلك فعل معظم كتاب تلك المرحلة، فيما بقي الشعر وحده في إطار ضيق نسبياً، سواء في الجاهلية أو ما بعدها. فقد تشجع الكتاب على تنويع أعمالهم بعدما اكتشفوا المصادر لذلك، واطلاعهم على الآداب والفلسفة اليونانية والفرنسية. ولذا، نلاحظ أن العصر الجاهلي ظل خالياً من الآفاق العلمية والأدبية الأخرى. وبلغ الأمر بالجاحظ أنه عدد أساليب التجميل التي عرفتها المرأة، ومنها العطر والصبغ والخضاب والكحل والنتف والقص والتحذيق والحلق وتجويد الثياب وتنظيفها... ثم ذكر الوسائل المستعملة للمحافظة على المرأة وخدمتها. الحيطان الرفيعة والأبواب الوثيقة والمسور الكثيفة والخصيان، والظؤورة والحشوة والحواضن.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجدولة الجدولة



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:21 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الجدي الخميس 29-10-2020

GMT 14:05 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الأسد الخميس 29-10-2020

GMT 08:29 2021 الجمعة ,07 أيار / مايو

مسلسل ''حرقة'' أفضل دراما رمضانية في تونس

GMT 05:48 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

اكتشاف تقنية جديدة تساعد في إنقاص الوزن الزائد

GMT 05:31 2016 السبت ,26 آذار/ مارس

البردقوش فوائده واستخدامه

GMT 00:15 2016 الثلاثاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

فوائد الشطة لعلاج مرض الصدفية

GMT 10:54 2013 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ندوة عن القبول في جامعات الولايات المتحدة في "أميركية دبي"

GMT 09:15 2021 الأربعاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

أيتام «داعش» مَنْ يعينهم؟
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia