كثرة التنقل

كثرة التنقل

كثرة التنقل

 تونس اليوم -

كثرة التنقل

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

الذين يعرفون السياسة العربية جيداً لا يذكرون أن الحكومة السعودية أعطت أهمية سياسية في أي مرة كالأهمية التي أعطيت لتصريحات وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي. ليس طبعاً بسبب الوزير المتنقل من التلفزيون إلى الحكومة، ومن الخليج إلى الممانعة، بل بسبب ما قاله في مسألة تعرّض حياة سكان السعودية كل يوم للخطر والإرهاب والموت. طبعاً، تخفي الأزمات في طياتها خيبة ضمنية في رجل عاش في الخليج ربع قرن من ألمع مراحل حياته وأغناها. ومن سوء حظ الوزير قرداحي أنه تعاطى مع السياسة وكأنها امتداد لبرنامجه الشهير «من سيربح المليون»، القائم على الخفة وغوى التصفيق. وفي البرنامج لعبت وسامته دوراً في شعبوية المستوى. لكن العمل السياسي يتطلب أكثر من ذلك قليلاً.
ترك قرداحي خلفه في السعودية والخليج نحو ربع قرن من النجومية والثروة. كما ترك مجموعة لا حصر لها من الصداقات على أعلى المستويات. وعندما قرر أن طموحاته السياسية في لبنان تقضي بأن يهجر كل هذا، لم يعاتبه أحد. وحتى عندما قرر اتخاذ موقف غير ودي من أصدقاء الأمس، تفهَّم أهل الخليج ضرورات السياسة وأحكامها في لبنان. فالرجل الذي قطف خيرات المهنة إلى أقصى حدودها في بلدانهم، يريد الآن أن يقطف وجاهتها، في بلده. لكن حتى في بهلوانات لبنان اضطر أيضاً إلى الانتقال من مكان إلى مكان. فعندما خذله العونيون بموقع نيابي، وجد المقعد الوزاري عند ألد خصومهم، سليمان فرنجية.
لم تدم براعة الابتسامات طويلاً. وقع الوزير الجديد وأوقع معه حكومته، وأحرج رئيس الجمهورية الذي كان يأمل منه تخفيف العداء الإعلامي من حوله، لبنانياً وعربياً. تخبط الرجل في مواقعه وسياساته الجديدة، اصطدم الصحافي بالسياسي، والسياسي بالمفاجآت. وكان يتوقع من أهل الخليج أن يسامحوا كل شيء، كالعادة، بمجرد قبلة على الخشم.
ذلك أيضاً تقصير آخر في فهم الاتجاهات الجديدة والرؤية الجديدة للعلاقات مع الأصدقاء والخصوم. لم يكن أحد يتخيل أن الوزير اللبناني سوف يعثر على نواحٍ إنسانية في المسيّرات اليومية التي يطلقها الحوثيون على مدنيي السعودية وسكانها واستقرارها ومسيرتها المتقدمة كالبرق. يرفض القرداحي الاستقالة كما فعل من قبله وزير «البدو» شربل وهبي. لقد فكّر وهبي، على الأقل، في مصالح نصف مليون لبناني في الخليج، كان منهم ذات مرحلة، الوزير قرداحي. ولم تكن استقالته هزيمة له بل اعتذاراً مهنياً تقبله الجميع.
ليس لبنان في حاجة إلى أزمة أخرى، ولا إلى المزيد من الخراب والعزلة. على الأقل ليس بسبب الحوثي الذي لا يعرفه إلا قلّة، بينهم صاحب «من سيربح المليون». سوف يكون مريراً أن يستقيل وزير بعد وصوله إلى ما يحلم به. الأكثر مرارة أن يبقى.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كثرة التنقل كثرة التنقل



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:21 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الجدي الخميس 29-10-2020

GMT 14:05 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الأسد الخميس 29-10-2020

GMT 08:29 2021 الجمعة ,07 أيار / مايو

مسلسل ''حرقة'' أفضل دراما رمضانية في تونس

GMT 05:48 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

اكتشاف تقنية جديدة تساعد في إنقاص الوزن الزائد

GMT 05:31 2016 السبت ,26 آذار/ مارس

البردقوش فوائده واستخدامه

GMT 00:15 2016 الثلاثاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

فوائد الشطة لعلاج مرض الصدفية

GMT 10:54 2013 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ندوة عن القبول في جامعات الولايات المتحدة في "أميركية دبي"

GMT 09:15 2021 الأربعاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

أيتام «داعش» مَنْ يعينهم؟
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia