المبعوث الثامن الذي يجب ألا تنتظره طرابلس
أخر الأخبار

المبعوث الثامن الذي يجب ألا تنتظره طرابلس!

المبعوث الثامن الذي يجب ألا تنتظره طرابلس!

 تونس اليوم -

المبعوث الثامن الذي يجب ألا تنتظره طرابلس

سليمان جودة
سليمان جودة

وعندما قرَّرت الأمم المتحدة قبل أيام، أن يكون البلغاري نيكولاي ملادينوف هو المبعوث الأممي الجديد المنتظر، فإنَّ قرار إرساله قد وضع بصدوره شبه المفاجئ، نهاية كنَّا نترقبها للأشهر التسعة غير المفهومة أممياً بالنسبة للقضية في ليبيا! إلا أن هذا المبعوث، كما جاء على لسانه، قد اعتذر لأسباب قال عنها إنها شخصية.
كان الدكتور غسان سلامة، المبعوث الأممي السابق، قد غادر منصبه في أول ربيع هذا العام مستقيلاً من مهمة كبرى، كان قد جاهد في سبيل أن تكونَ ذات عائد مفيد في حياة الليبيين، لولا أنَّه عندما تقدم باستقالته قد مضى إلى بيته، بينما لسان حاله يردّد ما كان الشاعر يقوله عن نفسه وعن سواه ممن يمرُّ بالحالة نفسها، كان الشاعر يردد في أسى أنَّه قد صحَّ منه العزم ولكن الدهر أبى!
لقد أمضى سلامة سنوات يحاول ويكرر المحاولة من موقعه، والمؤكد أنَّه رأى من مكانه ما لا يستطيع غيره أن يراه، وحين قيل إنَّ استقالته كانت لأسباب صحية، فإنَّ الحديث عن أسباب صحية وراءها كان أقرب إلى اللغة الدبلوماسية في التعبير عن حقيقة أسبابها منه إلى أي شيء آخر!
وسواء كانت الاستقالة لأسباب صحية كما قيل عنها في حينها، أو كانت لأسباب غير صحية وهذا هو الراجح، فالرجل قد حاول قدر إمكانه ثم مضى تاركاً الفرصة لمبعوث آخر، ربما ينجح في إنجاز ما لم يفلح فيه المبعوث السابق عليه!
ومن بعده ترددت أسماء كثيرة لتأتي في مكانه، وكان الدبلوماسي الجزائري رمطان لعمامرة من بين الأسماء التي جرى ترشيحها والإعلان عن أنها أقرب إلى المنصب، ولكن الاسم صار محل رفض في النهاية، وقد قيل وقت استبعاد اسمه إن سبب استبعاده هو اعتراض الولايات المتحدة عليه!
ولم يذكر أحد شيئاً عن سبب اعتراض واشنطن على اسم لعمامرة، ولن يقال مثل هذا السبب في الغالب، رغم أن رجلاً مثله كان يملك ميزة لا يملكها كل المبعوثين الستة الذين سبقوه، بمن فيهم الدكتور سلامة نفسه. هذه الميزة هي أن جزائرية لعمامرة كانت ستجعله أحرص الناس على أن يقدم شيئاً حقيقياً يعيد الهدوء والاستقرار إلى الأراضي الليبية!
أما لماذا كان سيحرص على ذلك أكثر من غيره، فلأن الجزائر ترتبط مع ليبيا بحدود طويلة مباشرة، وهي واحدة من الدول الست التي تحيط بالوطن الليبي من ثلاث جهات كأنها السوار يلتفّ حول المعصم، وهذه الدول الست هي: مصر، والسودان، وتشاد، والنيجر، وتونس، ثم الجزائر طبعاً!
ومن الطبيعي أن دول الجوار المباشر لأي دولة، هي أول الدول التي تعاني، إذا ما طرأ عدم الاستقرار على أرض هذه الدولة!
وفي الحالة الليبية، فإن وزراء خارجية مصر والجزائر وتونس كثيراً ما التقوا على طاولة واحدة، وفي كل مرة كان العنوان في لقائهم هكذا: اجتماع وزراء خارجية دول الجوار مع ليبيا. وكان الموضوع المطروح على الطاولة هو البحث عن سبيل يعود من خلاله الهدوء إلى الأرجاء الليبية على اتساعها، وكان ذلك أملاً يراود ليبيا بمثل ما يراود دول جوارها ولا يزال!
وكان المقصود بالجوار المباشر في حالة هؤلاء الوزراء الثلاثة كلما اجتمعوا هو الجوار العربي إلا قليلاً، لأن جواراً آخر كان يمتد حول ليبيا، وكان يضم ثلاث دول أخرى أشرت إليها حالاً، وكانت واحدة من بينها دولة عربية اللسان هي السودان!
أعود فأقول إن جزائرية لعمامرة كانت ترشحه لأداء دور مختلف لإنجاز الحل السياسي في المسألة الليبية، بحكم أنه يرى أكثر من المبعوثين الستة السابقين، عواقب عدم استقرار الليبي على بلاده، ويرى في الوقت ذاته حصيلة الاستقرار عليها!
إنني أخشى أن يكون هذا السبب بالذات من بين أسباب استبعاد اسم الرجل، وربما يكون في المقدمة من بين تلك الأسباب التي لا نعلمها، وإذا صح أن هذا السبب كان من بين استبعاد الاسم، وهذا ما سوف تكشف عنه الأيام وحدها، فإن مرجع ذلك سيكون إلى أن «الإرادة الدولية» للوصول إلى حل سياسي في ليبيا لم تكن تتوفر عند ترشيح اسم لعمامرة خلفاً لغسان سلامة، وإذا كنت قد وضعت العبارة من جانبي بين أقواس فلأنني أريد أن ننتبه إلى ضرورتها فلا نمر عليها عابرين!
فهذه الإرادة الدولية هي بمثابة السر الذي إذا توفر لأي قضية دولية أو إقليمية، وجدت طريق حلها من دون جهد كبير ولا وقت طويل، وإذا لم تتوفر رأيت القضية تدور في مكانها، ولا تقطع خطوة إلى الأمام إلا وترجع في مقابلها خطوتين وربما أكثر إلى الوراء!
لقد التقت الأطراف السياسية الليبية في حوار ممتد جرى مؤخراً، وكان الحوار يجري في طنجة المغربية مرة، ثم على أرض تونس في الجوار مرة ثانية، وفي الحالتين كانت الأطراف كلها أقرب ما تكون إلى التوافق حول حل يطلق الانتخابات في ليبيا آخر العام المقبل!
ولكن لأن الإرادة الدولية التي هي السر في الموضوع، لم تكن تتوفر بشكل كامل فيما بدا، فإن الأطراف الملتقية لم تكن تكاد تتفق، حتى تعود إلى المربع الأول في نقاش حول نقاط الاختلاف من جديد!
وكان الأمل أن يكون هذا السر ورقة جاهزة في جيب ستيفاني ويليامز، التي تولت رئاسة البعثة الأممية بالإنابة في مرحلة ما بعد غسان سلامة، ولو كانت هذه الورقة جاهزة في جيب ويليامز، لكان الحل المنتظر قد اهتدى إلى سبيله في طرابلس وفي غير طرابلس من المدن الليبية!
إن نظرة بأثر رجعي إلى ما كان يقوله غسان سلامة طوال وجوده لأداء مهمته فوق الأراضي الليبية، تشير إلى أنه كان يبحث عن مثل هذه الورقة غير المرئية من دون جدوى، وكان يفتش عنها في كل عاصمة من عواصم القرار الكبرى في المنطقة وفي العالم معاً، وكان منتهى أمله أن يجدها فيؤدي المهمة التي تمنى لو نجح فيها، لولا أن الأماني وحدها لم تكن كافية!
إن ليبيا لا تحتمل انتظار مبعوث ثامن، فضلاً عن أن تنتظر مبعوثاً عاشراً، ولا المنطقة من حولها تحتمل انتظاره، وإذا احتملت فسوف يكون ذلك خصماً من أعصاب الناس ومن أعصاب غير الناس في ليبيا وفي محيطها بالتوازي!

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المبعوث الثامن الذي يجب ألا تنتظره طرابلس المبعوث الثامن الذي يجب ألا تنتظره طرابلس



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 13:45 2019 الخميس ,28 آذار/ مارس

بريشه : هاني مظهر

GMT 18:04 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الثور الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 06:35 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك نجاحات مميزة خلال هذا الشهر

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:23 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الدلو الخميس 29-10-2020

GMT 23:21 2015 الإثنين ,09 آذار/ مارس

فوائد الدوم

GMT 17:31 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

شبح الهبوط يطارد فريق الاتحاد السعودي

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:30 2017 الثلاثاء ,28 شباط / فبراير

آثار الخلافات الزوجية على سلوك الطفل

GMT 19:19 2016 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

المهرة" من أفضل 10 مطاعم في دبي

GMT 03:53 2017 الثلاثاء ,31 كانون الثاني / يناير

ميدالية فضية للرامية راي باسيل في بطولة العرب في الرماية
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia