بقلم - منى بوسمرة
منذ الاتحاد قبل 47 عاماً تظلل الإمارات، قيمة عامة قادت مسيرة النهضة، حتى غدت تسري في كل شرايين الوطن، وأصبحت نهجاً واستراتيجية، قادت مسيرة النهضة بتميز ورفعت اسم الإمارات عالياً، وصنعت معجزة مستمرة. تلك القيمة يجدها المراقب في كل أركان الوطن، وفي وجدان المسؤولين والعامة، بعد أن أثبتت نجاحاً باهراً في تحقيق الأهداف الوطنية، وما زالت، إنها قيمة العمل الجماعي الذي أرسى أركانه الراحل الكبير الشيخ زايد، طيب الله ثراه.
من تلك القيمة ولدت الاجتماعات الحكومية السنوية التي تنعقد اليوم في دورتها الثانية في أكبر جلسة عصف ذهني وطنية تتدارس وتخطط لتحقيق الأهداف الوطنية مثل رؤية الإمارات 2021، ووضع الاستراتيجيات لمئوية الإمارات 2071 التي تشكل هذه الاجتماعات طاقة سير نحوها.
وتأكيداً لهذا النهج قال الشيخ محمد بن راشد الذي يترأس تلك الاجتماعات مع أخيه الشيخ محمد بن زايد إن الاجتماعات التي يشارك فيها 500 مسؤول حكومي اتحادي ومحلي «تجسيد لروح الفريق الواحد في دولة الإمارات التي أرساها زايد، روح الاتحاد، وإن المستقبل يحمل الكثير من التغيرات السريعة ونحتاج العمل بروح الفريق الواحد لنكون قادرين على الاستفادة من فرصه».
سموه في هذا التوصيف يؤكد المعادلة الناجحة للتفوق ومواجهة التحديات حين يؤكد الحاجة إلى استمرار النهج الجماعي في العمل والإدارة، لأن القوة فيه والإبداع منه، فهو زاد النهضة وسر التقدم، خاصة في ظل ما يموج به العالم من تغيرات سريعة علمية وأمنية وبيئية واقتصادية وجيوسياسية، ما يستدعي الإعداد الجيد لتكامل الخطط للتعامل والتكيف مع تلك المتغيرات وفقاً لاستراتيجيات معدة وعدم التعامل معها بردّات الفعل والعمل الارتجالي.
من هنا تبرز الحاجة التي يؤكدها الشيخ محمد بن راشد إلى العمل بروح الفريق وتطابق الأداء الاتحادي والمحلي، كونها مسؤولية يتشارك فيها الجميع لتنفيذ الخطط الاستراتيجية السبع، التي تستعرضها الاجتماعات والتي تتعرض لمجالات الأمن الغذائي، والذكاء الاصطناعي، والأجندة الثقافية، واستراتيجية التشغيل، ومهارات المستقبل، وجودة الحياة، والعلوم المتقدمة، إضافة إلى 100 مبادرة وطنية ترسم ملامح مسيرة الإمارات للوصول إلى مئوية 2071.
ولأن روح الفريق هي الحاضرة دائماً، عبّر الشيخ محمد بن زايد عن النهج ذاته حين قال إن «كل فرد منا يتحمل مسؤولية تحقيق الأحلام والطموحات التي علمنا زايد أن لا سقف لها». كما أن سموه حرص على تأكيد أن التخطيط ومضاعفة الجهد لمستقبل الدولة التي أسسها زايد ويقودها خليفة هي الضلع الثاني لتحقيق الأهداف وتحويل الفرص إلى إنجازات نفخر بها بحيث تكون دولة الإمارات ضمن أفضل الدول، بحلول يوبيلها الذهبي في 2021.
بنظرة سريعة إلى الدورة الأولى للاجتماعات العام الماضي نستطيع أن نرصد العديد من الإنجازات التي تحققت، خاصة مسار التكامل والانسجام بين الاتحادي والمحلي في الأداء الحكومي ومعالجة التقاطعات، كما أنها فرصة لفحص دقيق لأداء الوزارات والدوائر ومؤشرات الإنجاز لديها، ما يعني أن المتابعة متواصلة ورصد الأداء دقيق، لتأسيس قاعدة صلبة لا تؤثر فيها المتغيرات والتحديات.
الطموحات كبيرة، كما توضح أجندة الاجتماعات، وكما اتضح لنا من اجتماع تعريفي بالأمس مع عدد من مسؤولي الاجتماعات الحكومية. لكن رغم كبر تلك الطموحات فإن الإنجازات التي حققتها قيادتنا وشعبنا، وروح زايد التي تسكن فينا، جعلت المستحيل ممكناً في الإمارات، وأن التحديات مهما بلغت لن تقف عائقاً أمام بلوغ الإمارات أهدافها التي تطورت لتشق اليوم طريقاً إلى الفضاء بعد أن كانت بلا شوارع بين مدنها قبل الاتحاد، قبل أن تحقق المعجزة وتبني نموذجاً عالمياً فريداً في التقدم والبناء، تنتشر عدواه في المنطقة، ويبقى السر في روح العمل الجماعي التي صنعت تاج الإمارات.