بقلم - منى بوسمرة
بمنطق العصابات التي تختطف الطائرات المدنية تصرفت قطر وهددت حياة الأبرياء، وهو منطق إجرامي شهدناه مراراً خلال العقود الماضية، من جماعات اتصفت بالإرهاب وها نحن الآن في واقع ثابت رأينا فيه هذا التصرف من دولة يفترض أن لديها من الثوابت ما يحكم تصرفاتها، وهي من تدعي تبني القرارات الدولية المنظمة للمجال الجوي.
هذا ما فعلته الدوحة حين أرسلت طائراتها العسكرية المقاتلة لاعتراض طائرات مدنية إماراتية تسير في خطها الملاحي الاعتيادي، وعلى متنها مئات المسافرين من المدنيين من جنسيات مختلفة، وهي بذلك تتصرف بمنطق القراصنة المجرمين، بل وتهدد حياة أبرياء قبل أن تهدد الطائرات الإماراتية، وهذا يعني أن الدول التي تنتمي إليها جنسيات الركاب من حقها كذلك، أن ترفع الصوت عالياً، ضد همجية الدوحة وحكامها، وضد تهديد حياة رعاياها، في فعل يقع في خانة التجريم دولياً.
كيف يمكن لدولة عاقلة أن تهدد طائرات تستخدم الأجواء، وفقاً لما حددته المواثيق المنظمة لذلك، والكل يدرك أن أي خطأ أو اشتباك سيؤدي إلى عواقب خطيرة جداً، بحق أبرياء مسالمين، وهو أمر يجب الوقوف ضده بكل ما تعنيه الكلمة على الصعيد الأمني والإنساني.
إذا أردنا أن نتحدث عبر زاوية قانونية بحتة، فإن قطر خرقت بشكل صريح وواضح اتفاقية شيكاغو للطيران المدني الدولي لسنة 1944 وملحقاتها، التي تضمن سلامة وأمن الطيران وكفاءته واستدامة الطيران المدني الدولي، كما أن هذا التصرف يؤشر إلى أن الدوحة مستعدة لقتل الأبرياء وهم في الطائرات، مثلما شاركت ودعمت قتل الأبرياء على الأرض عبر تبنيها الإرهاب وتمويلها لجماعاته كما ثبت ذلك للعالم.
تريد الدوحة كذلك أن تسيء إلى دولتنا، وتدعي زوراً وبهتاناً أن طائرات إماراتية سبق أن اخترقت مجالها الجوي، ولهذا تقدمت بشكوى مختلقة إلى مجلس الأمن، فيما البعثة الدائمة للدولة في نيويورك قامت بالمقابل بتسليم رد الدولة الذي يفند المزاعم القطرية الواردة في مذكرتها لمجلس الأمن حول اختراق مجالها الجوي من جانب إحدى الطائرات العسكرية، كما استنكرت وزارة الخارجية والتعاون الدولي، بأشد العبارات، ما اعتادت عليه قطر في الفترة الأخيرة من تصعيد غير مبرر.
هذا الوضع الخطير يؤكد من جهة ثانية أنه قد آن الأوان لتحرك كبير وشامل على مستوى دول العالم، من أجل مساءلة قطر ووضعها عند حدها والتصدي لتصرفاتها المجرمة، وتحميلها وفقاً للقانون الدولي مسؤولية تهديد المسافرين المدنيين، وذلك بغية معالجة نهائية لهذا التصرف القطري الأهوج، الذي قد يتكرر لاحقاً، وقد يؤدي إلى كوارث وسقوط عشرات الضحايا، ونظام الحكم في الدوحة فقط من يتحمل المسؤولية الكاملة لهذا.
لقد كان الأولى بمن يديرون الأمور في قطر منذ بداية أزمتها مع جوارها، أن لا يلجأوا إلى التصعيد لو كانوا يملكون ذرة عقل وحكمة، فقطر هي الخاسر الأول والأخير، وبدلاً من عزلتها الحالية التي وضعت نفسها فيها، كان الأصل أن تبحث عن حلول مع دول الخليج العربي ومصر بدلاً من هذه الصبيانية الطائشة.
إن الإمارات كانت دوماً دولة سلام ومحبة، ومن الاستحالة كما أشرت سابقاً أن تقوم طائراتنا بدخول المجال الجوي القطري، لسبب بسيط، يتعلق بعدم جدوى ذلك لا من حيث الرسالة ولا من حيث التأثير، خاصة أن دولتنا تدرك قيمة القانون الدولي ولا يمكنها أن تتجاوز معاييره وهذا ما تشهد به علاقات الإمارات مع العالم.
المصدر :البيان