بقلم : منى بوسمرة
الصحف ليست أخباراً وأحداثاً تكتب، بل هي مضامين وتكريس لهوية بكل ما تعنيه هذه الكلمة، من دلالات سياسية وثقافية واجتماعية، ومعايير عليا على مستوى المصداقية والمهنية.
و«البيان» وهي تحتفل بعيدها الثامن والثلاثين، فإنها تحتفي بإنجاز الالتزام والهوية الذي انطلقت منه الصحيفة، كمنارة وطنية من حيث إدراكها دورها التنويري، الذي يعظم الإيجابيات ويبشر بالخيرات، ويلتزم بمعايير صارمة جداً، وسط زحام أدى إلى تشويه الدور المطلوب من بعض وسائل الإعلام، وحرف اتجاه الحقيقة في بعض الحالات.
كانت صحيفة «البيان» ومازالت مختلفة، عقود طويلة من التراكم الإيجابي أسهمت فيه قيادات وكفاءات، وهي الرحلة التي لا تزال في بدايتها، ونعبر من خلالها إلى عام جديد وعهدنا أن نبقى الأكثر التزاماً بالمصداقية، فلا شائعات ولا تهويل، ولا أجندات مشبوهة ولا تغيير للحقائق.
نحن عندما نتحدث عن «البيان»، فإننا نسرد واقعاً عايشناه، وقد وقفنا دوماً أمام التحدي الأكبر، بأن نكون صحيفة مهنية من حيث المعايير المرصودة في هذا المجال، وفي الوقت ذاته نخوض معركة التطوير التكنولوجي، ونفوز بالمصداقية والاحترام أمام ما نراه من خلل وشطط في بعض وسائل الإعلام العربي، التي تواجه أزمات أخلاقية ومهنية لاعتبارات مختلفة، بعد أن بات خطيراً ما نراه من أدوار تحرض على الكراهية والحقد والتخريب، وتغذي الخلافات والصراعات، وتلعب دوراً في بث الفوضى وهدم الدول.
«البيان» صحيفة قلبها ينبض بالصدق، والاحتفاء بكل ما هو مشرق في دولتنا الحبيبة، تعلمنا ذلك من قيادتنا الملهمة وهي التي لا تمنح أي سلبية فوق مساحتها الحقيقية، ولا تبث السوداوية، بل تحض دوماً على التطلع إلى الأمام، وهو الذي جعل الإمارات دولة بمعايير عالمية يتطلع الكل إلى الاقتداء بها.
«البيان» كانت دوماً مع الوطن قيادة وشعباً، في كل تطلعاته وقضاياه، وهو انحياز طبيعي، لأن عهدنا أن تستمر دولتنا في الصدارة، ويجب أن تبقى متفوقة، وفي موقعها الذي تستحقه.
رحلة العقود الفائتة وما هو مقبل، كانت رحلة تطوير للمهارات من حيث القوالب الصحفية، تنوع في التغطيات، وصفحات تتناول كل الشؤون من المحلية، مروراً بالثقافة والسياسة والاقتصاد والرياضة، وصولاً إلى نخبة من الكتاب والمحللين، ومعهم فريق كبير من المراسلين، والإعلام الرقمي والأقسام الفنية الداعمة، و«البيان» رفدت دوماً بالتطوير واستعمال التكنولوجيا، وما يمكن اعتباره الوسائل الأكثر حرفية على صعيد التحرير الصحافي وفنونه المختلفة.
إن أصعب المهام في هذا الزمن، أن تكون قادراً على صون معايير المهنية والمصداقية، في الوقت الذي تطفو على السطح عناوين إعلامية تتكسب من الخراب، وهنا تكون مهمتنا ذات أهمية مضاعفة، وذلك من خلال تعميق الوعي وصون المكتسبات، وصد كل الحملات المغرضة وحملات إثارة اليأس وتكريس الإحباط في العالم العربي.
ستبقى «البيان» منارة تبث الخير والسعادة وتبرز المنجزات، وتنحاز دوماً إلى القارئ باعتباره يأتي أولاً، متتبعين في ذلك ما تريده قيادتنا من جعل الإعلام رسالة خير وسلام، تنبذ كل ما هو سلبي وتعظم كل ما هو إيجابي، زادنا في ذلك المعلومات والحقائق، وإدراكنا أن الإعلام رسالة هدفها الارتقاء بالإنسان.
المصدر : جريدة البيان
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع