بقلم :منى بوسمرة
سر الإمارات هي تلك اليد البيضاء المباركة التي تحنو على الضعفاء والمساكين والفقراء، ومن تقطعت بهم السبل ومن خسروا أوطانهم وباتوا لاجئين، وأولئك الذين يعانون من جراء الحروب والأزمات.
لم تترك الإمارات شعباً أو بلداً إلا ولها فيه منارة مشعة، منارة لا يراد منها أي غاية سياسية ولا تبعية، وكل ما تريده دولتنا أن تكون الرحمة عقيدة في هذه الحياة، وحين تكون الرحمة عنواناً على صعيد العلاقات مع الدول والشعوب، فعلينا أن نعرف أن هذه الرحمة حصن حمايتها، وهي التي تستسقي البركة لدولتنا وقيادتنا وشعبنا.
لفتة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، تجاه اللاجئين من الروهينغا لفتة كريمة، حيث أمر بتمديد الجسر الجوي لإغاثة لاجئي الروهينغا بثلاث رحلات إضافية، وذلك دعماً للجهود الدولية الرامية إلى مواجهة واحدة من أصعب الأزمات الإنسانية التي خلَّفها نزوح مئات الآلاف من ميانمار هرباً من أعمال العنف والاضطهاد المرتكبة ضدهم، وسعياً للحصول على مأوى آمن في بنغلاديش المجاورة، وهذه الرحلات الجوية تضاف إلى عدد آخر أطلقته الإمارات خلال الأيام الماضية.
هذه اللفتة تعبر عن سياسة كبيرة وعميقة، سياسة الإحساس بالآخرين وعدم تحييد دولتنا عن آلام البشرية، والوقوف إلى جانب الشعوب المنكوبة في أزماتها، وهذه سياسة تنبع من روح شعبنا المعطاء، وما تحض عليه قيادتنا من ضرورة التواصل النبيل مع الشعوب دون تفرقة أو تمييز، وهي لغة إنسانية عز نظيرها في هذا العالم.
سياسة الإمارات في المقدمة، في دعمها الإنساني، برغم أننا نستفيد أيضاً من التجارب الناجحة في كل ما تفعله الدول في هذا الاتجاه، ويحق لنا أن نجدد فخرنا بأنفسنا ونحن نرى حولنا كيانات كل همها قتل الأبرياء، وتخصيص المال لصناعة الإرهاب وتصدير الفوضى والخراب إلى الشعوب الآمنة.
هذا فرق جوهري كبير، فرق في التجربة والتطلع مثلما هو فرق في التكوين والرؤية، إذ بات واضحاً أن العالم اليوم لم يعد يحتمل نموذج الدول القاتلة، إذ بعد أن كان القاتل فرداً بات دولة، وهذا ما نراه أمام ممارسات لدول تضع كل إمكاناتها المالية من أجل سفك دماء الشعوب وتشريدها، وقد كان الأولى تخصيص هذا المال من أجل التنمية والازدهار والعدالة وخير البشرية.
حين تؤكد كل التقارير العالمية أن الإمارات من أوائل الدول المانحة على صعيد المشاريع التنموية، وعلى صعيد الإغاثة الإنسانية، فإن فخرنا لا يتعلق بدلالات الأرقام والمراتب الدولية بقدر ما تؤكده هذه التقارير من أن هناك نماذج مشعة في هذا العالم وتحديداً في المنطقة العربية والإسلامية، وهذا يتطابق أيضاً مع شيم العروبة وروح الإسلام وواجب الإنسانية، وهي صفات تحض دوماً على إغاثة الآخرين ونبذ الكراهية والتصنيف كيفما كان شكله ومنهاجه.
مباركة هي الإمارات وما تقدمه قيادتنا من قدوة للمجتمع الدولي مثلما هي القدوة لشعوب كثيرة، وعلينا أن نبقى دوماً في المقدمة، نغيث المحتاج، وننصف المظلوم ونرفع الألم عن البشر أينما كانوا.