بقلم : منى بوسمرة
قطر، بفعل سياساتها وتصرفاتها، أصبحت تهدد إنجازات مجلس التعاون الخليجي، وهي لم تكتفِ بتهديد أمن دول الخليج العربي بتبنيها الإرهاب والإسلام السياسي والتحالف مع الإيرانيين والأتراك، بل وصلت إلى حد تهديدها بنية مجلس التعاون الخليجي العربي ومشروعيته وبقاءه.
لماذا يحدث كل هذا، ولماذا تصرّ الدوحة على أن تتحول إلى سكين غدر في ظهر الأشقاء والعرب، هل هي عقدة ضآلة المكانة والبحث عن دور، أم أنها عقدة الشعور بالعظمة والرغبة في التعملق وسط دول كبيرة واقعاً وتاريخاً وستبقى كذلك؟
بعد كل الذي فعلته الدوحة، بدأت، قبيل أسابيع فقط من عقد قمة مجلس التعاون الخليجي في الكويت، توجّه انتقادات سيئة إلى المجلس، وتتهمه بأنه لم يبذل دوراً على صعيد أزمة قطر، وفي مرات توجّه الدوحة رسائل مباشرة بأنها لن تحضر القمة، وأخرى بأنها سوف تحضر، وتُلمح في مرات إلى أنه لا بد من التأجيل تخوفاً من تفجّر الخلافات، وهكذا بدأت الدوحة تلعب بورقة مجلس التعاون الخليجي على مائدة قمارها السياسي.
هذه التصريحات وردت مراراً على ألسنة مسؤولين قطريين حاليين، وعبر تسريبات على شكل مقالات وآراء، وأخيراً جاءت تصريحات حمد بن جاسم، رئيس الوزراء القطري السابق، وقد احتوت على نقد غير مباشر لمجلس التعاون الخليجي بطريقة لا تخفى على أحد في سياق التصعيد القطري ضد المجلس.
إن خروج هذا الشخص مجدداً للحديث عن السياسات القطرية دليل على أن الدوحة مصابة بالوهن والضعف، وإلا لماذا اللجوء إلى أسماء خارج إدارة شؤون الدولة للحديث في هذا التوقيت بالذات، ظناً منها أن إدارة الأزمة بمزيد من الكلام سوف تغيّر الواقع شيئاً، بدلاً من التغيير في السياسات العوجاء؟
كل الاستنتاجات تقول إن قطر تبيّت نية الانسحاب من التعاون الخليجي، أو على الأقل الدعوة إلى تأجيل عقد القمة في الكويت، وهذه المؤشرات تثبت أن أزمة قطر باتت تشتد عليها، فهي في الحد الأدنى لا تريد الذهاب إلى قمة خليجية يتم خلالها توجيه اللوم إليها على سياساتها، بعد ما فعلته الدوحة من حملات بشعة ضد دول المجلس، وهي التي كانت تتمنى أن تكون القمة فرصة لانتهاء أزمتها، لكنها للمفارقة لا تريد الإقرار بالأخطاء التي ارتكبتها خلال السنين الماضية، وفي الوقت ذاته تريد الذهاب إلى القمة دون أن تدفع كلفة هذه الأخطاء، وهذا أمر مستحيل بطبيعة الحال.
ما يمكن قوله إن هذه الأزمة ليست أزمة الدول المقاطعة، هي أزمة قطر وحدها، فهي التي صنعتها وصارت أسيرة لها، وعليها أن تجد طريق الخروج منها بالتراجع عن سياساتها، أما الأزمة ذاتها فلا تعني لنا شيئاً، وليس أدل على ذلك من أمرين، أولهما أن الدول المقاطعة منشغلة اليوم بقضايا ومبادرات ومشاريع أهم، وهذا ما أكده ولي عهد السعودية، واصفاً أزمة قطر بأنها صغيرة جداً جداً، في سياق حديثه عن أهمية الأزمة بالنسبة إلى المملكة العربية السعودية وبقية الدول المقاطعة.
بقيت قطر أو لم تبقَ في مجلس التعاون الخليجي، شاركت في القمة المقبلة أو لم تشارك، ما يمكن أن يقال أمر واحد فقط، مجلس التعاون الخليجي مِلك لشعوب هذه المنطقة ودولها، ولا يمكن أن يسمح أحد بتهديد المجلس أو تشظيته تصفيةً لحسابات الدوحة مع دول الخليج العربي، وعليها أن تواجه مصيرها منفردة، فقد اختارت هذا الطريق.