بقلم : منى بوسمرة
تفجرت الأوضاع الأمنية في صنعاء وانهار تحالف الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح وبعض من أبناء القبائل، مع عصابات الحوثيين، وانهيار هذا التحالف غير المقدس نتيجة طبيعية، فلا يمكن لتسليم الدولة إلى عصابة أن يبقى طويلاً.
لم تكن دولة الإمارات ولا المملكة العربية السعودية ولا العرب ضد الأشقاء في اليمن، إذ ليس بيننا وبينهم غير خير الجيرة والتاريخ والجغرافيا، لكن تسلل إيران إلى هذا البلد العربي، والسطو على قراره السياسي عبر عصابات ومرتزقة أمر لم يكن ممكناً احتماله، بل وصل الحال بهذه العصابات إلى أن تهدد دول التحالف لاستعادة الشرعية بصواريخ طهران، إضافة إلى ما تسببت به من كوارث إنسانية للأشقاء من أبناء الشعب اليمني.
هذا الشعب لم يعد يحتمل هذه المأساة وشدة المعاناة، حيث غابت الخدمات وسرقت الأموال، وتم تجنيد الأطفال في معارك عصابات الحوثيين وتفشت الأمراض، ولم تقف دول التحالف العربي متفرجة بل حاولت بكل الطرق التخفيف من شدة المحنة، في الوقت الذي بات فيه لزاماً استئصال هذا الشر الذي لا يمثل الشعب اليمني أبداً.
يخرج الرئيس السابق في خطاب اعتراف سياسي ليمد يده إلى جواره التاريخي طالباً التفاهم، ورفع ما يسميه الحصار بعد أن بلغ صبر اليمنيين مداه، ونحن نؤكد أنه لم يكن حصاراً، بل كان وقفاً لتدفق الأسلحة الإيرانية عبر الموانئ اليمنية التي يسيطر عليها الحوثيون، وهي أسلحة وجهت لقتل الشعب وإذلاله وتهديد دول الجوار.
هذه صحوة يمنية وعربية إزاء ما تفعله إيران، في دول عدة، وكما يؤكد معالي الدكتور أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية أن هذه انتفاضة يمنية، انتفاضة صنعاء، وصحوة من كابوس الدعوات الطائفية المضللة من جانب الشعب اليمني الذي يتطلع إلى محيطه العربي الطبيعي.
المفارقة أن الدولة العربية الوحيدة التي تتبنى عصابات الحوثيين هي قطر، إذ تبث قناة الجزيرة كل بياناتهم، وتتوسط بينهم والرئيس السابق علي صالح، وكأن نظام الحكم في الدوحة لا ينتمي لمحيطه العربي، بل يقدم كل يوم الدليل على أنه يتبنى كل ما يسبب ضرراً لأمن دول المنطقة، في سلوك لا يمكن وصفه إلا بالشراكة مع هذه العصابات الإجرامية.
لقد أثبتت أحداث صنعاء أن الحوثيين يعانون من الهشاشة، ولولا الدعم الذي حصلوا عليه من إيران بشكل أساسي ومن الحرس الجمهوري اليمني السابق، ومن بعض القبائل لما استطاعوا توريط الجميع في هذه الفتنة، ونحن الآن أمام الحقيقة والمواجهة، وساعة إنهاء هذا الكابوس الذي يجثم على صدور اليمنيين.
آن الأوان أن تصحو أمة العرب، وأن تنظر إلى وجودها ومصالحها بطريقة مختلفة، في ظل استمرار هذه التهديدات والأطماع الإقليمية، التي تظهر فيها إيران رأس حربة توجه الطعنات كل يوم وفي كل موقع.
انتفاضة صنعاء، انتفاضة العرب ضد أطماع إيران ومخططاتها وهذه هي الخلاصة.