بقلم : منى بوسمرة
منذ اليوم الأول للأزمة اليمنية، كان واضحاً أن ترك هذا البلد العربي لعصابات الحوثيين الإيرانية سيؤدي إلى تداعيات كارثية، ومع الأسف لم تتحرك أغلب الدول العربية والإسلامية، إضافة إلى صمت دول العالم، ظناً منها أنها أزمة محدودة النتائج.
لقد ثبت أن غياب التعامل الجاد والمسؤول مع هذا الملف سيؤدي إلى تهديد الجميع، لأن ما يحدث في اليمن ليس أزمة محلية بالمعنى التقليدي، بل أزمة عربية وإقليمية ودولية، تمتد بتأثيراتها النهائية في الأمن القومي العربي وأمن العالم ومصالحه، لذا وجب أن يتصدى الجميع لما يحدث لمواجهة أطماع طهران التوسعية.
الإمارات المبادِرة دوماً لم تقف متفرجة، وتبنّت موقفاً يستند إلى ثلاثة أسس: أهمية الحل السياسي إذا لم يعرقله الحوثيون، وأهمية الحملات الإغاثية والإنسانية والتنموية للتخفيف من معاناة اليمنيين، ثم ضرورة استئصال الجماعات الانقلابية والإرهابية، وهذه الثلاثية كانت عاقلة ومنطقية، تأخذ في الحسبان مصالح الشعب اليمني، وفي الوقت ذاته مصالح المنطقة.
أثبتت الأيام أن إيران ومن والاها من جماعات وأفراد وكيانات لا يريدون لدولنا الاستقرار، ولهذا كان التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية تحالفاً موجهاً ضد الإرهاب وجماعاته نيابةً عن العرب والمسلمين، بل إن شهداء الإمارات والمملكة قدّموا دماءهم من أجل تحرير الشعب اليمني، وضحّوا بأرواحهم من أجل أن يسلم بقية العالم العربي مما تخطط له إيران.
لقد حقق هذا التحالف إنجازات كبيرة جداً، أولها عدم ترك اليمن الشقيق لهذه الجماعات الظلامية، ومن ثم إفشال المشروع الإيراني، إضافة إلى تحرير مناطق واسعة خلال السنين الفائتة، ومنح هذه المناطق وأهلها الفرصة لإعادة الإعمار والبناء واستعادة الحياة، ونحن اليوم أمام أخبار مهمة جداً، إذ تمكّن التحالف العربي، بإسناد مباشر من القوات الإماراتية، من الوصول إلى مشارف الحديدة، بما يعنيه ذلك من تأثيرات على كل المستويات.
التحالف العربي، بمشاركة دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية، وشراكة القوات الوطنية اليمنية، سيحقق كل أهدافه، طال الوقت أو قصر، من أجل استكمال عملية التحرير حتى النهاية، وتطهير كل المناطق من هذه الجماعات، ولولا الحسابات الإنسانية لدى التحالف، لتمكّن منذ زمن من استكمال هذه الأهداف، لكن لجوء الحوثيين إلى تحويل مدينة صنعاء بكل ما فيها من مدنيين إلى درع بشرية، ترك أثراً على العمليات العسكرية التي تتحاشى إيذاء المدنيين، ضمن الالتزام الأخلاقي والإنساني لقوات التحالف.
لقد آن الأوان أن يقوم العالم بدوره بتجريم هذه العصابات والدولة الحاضنة لها، لا سيما بعد الذي رأيناه إثر مقتل الرئيس اليمني السابق، من استباحة عصابة الحوثي صنعاء والقتل العشوائي، بل الهجوم على بيوت الله وإطلاق النيران، تعبيراً عن حالة التوحش التي تعيشها هذه الجماعات، وهي ستواجه مصيراً أسود مهما أُجّل فإنه قادم لا محالة.
لم نتدخل في اليمن لأننا نحب الحرب، لكنها حرب أرادتها إيران، وبالإمكان تجنّبها لو وقف اليمنيون والعرب صفاً واحداً في وجه مشروعها التخريبي، لكن بما أن ذلك لم يحدث، فلا بد من أن نعرف أن هذه حرب بقاء، إما العرب وإما إيران، بعد أن بدّدت طهران كل دعوات التصالح والتفاهم.