بقلم : منى بوسمرة
حالة وطنية نادرة، ومشهد يثير الكبرياء والفخر، ويوم تجلت فيه الروح الوطنية بأسمى معانيها، ونحن نرى شعب الإمارات بأكمله، ونرى الوطن من أقصاه إلى أقصاه، وفي توقيت واحد يؤدي فعلاً واحداً، ملتفاً حول رمز الاتحاد وشعار قوته وعزته، وينشد بصوت واحد، «عاش اتحاد إماراتنا».
يحق لنا اليوم، وكل يوم، أن نتغنى ونفتخر، بعلم يعيش في النفوس، فصار القلب الذي يخفق فينا، لينبض حباً ووطنية لبلد المجد والخير، وطن زايد الذي كان أول من رفع العلم معلناً مسيرة الصعود إلى قمم المجد والعطاء التي تليق بعلم الإمارات، ليتسلم الراية من بعده صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد الذي يتوافق يوم العلم مع ذكرى تولي سموه مسؤولياته الوطنية في ثنائية وطنية أكبر دلالاتها تجديد الولاء وتعميق الانتماء وزيادة العطاء التي تسري فينا منذ ارتفع العلم أول مرة قبل 46 عاماً.
إن إطلاق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حملة العلم منذ العام 2013، إنما هو تعبير عن هدف نبيل وسامٍ بتأجيج الروح الوطنية في النفوس خاصة الشباب، لينشأوا على حب الوطن وتقديس رايته، وحمايتها عالية خفاقة، والحملة تأكيد أيضاً على أن الاحتفاء بالعلم يجب أن يكون ممارسة دائمة تؤكد توجهاتنا وولاءنا لاتحادنا وقيادتنا.
وفي مشاركته في رفع العلم أمس، قدم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، عدة معانٍ في هذه المناسبة، الأول اختياره مكان رفع العلم في دار الاتحاد، مستحضراً بذلك ذكرى رفعه لأول مرة، في رسالة على ديمومة الوحدة طريقاً إلى المستقبل، وليربط ذلك برسالته الثانية عبر تكريس قيم العلم في نفوس النشء الذين مثلتهم ثلة من أشبال وزهرات الوطن رافقوا سموه في الاحتفالية، وليهيئهم لحمل الراية ومسؤوليتها باعتبارها أمانة يجب صونها، وتعريفهم بفاصل مهم من تاريخ وطننا الغالي ويذكرهم بيوم سجله التاريخ بمداد من نور.
وحين يؤكد سموه أن راية الإمارات ستبقى شامخة، فهو يبعث برسالة ثالثة بأن البنيان مرصوص، والمسيرة واثقة، يواصل كل من يعيش تحتها مسيرة النماء والتقدّم.
هذه الرسائل عبر عنها أيضاً صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، بالتأكيد على وحدة البيت وقوته. وحين يستذكر سموه جهود المؤسسين فهو يستحضر الفكر القيادي المتحضر الذي اختار الوحدة والاتحاد وشيده على مبادئ الخير والتسامح والمحبة، وكلله بعلم التضحية والبناء والعمل.
في احتفالية يوم العلم نستذكر التضحيات التي أبقته مرفوعاً خفاقاً عالياً على مر العقود الماضية، ونتذكر المنجزات والمكتسبات التي رسخت مكانته بين الدول، وحجزت له مكاناً متقدماً بين الأمم والشعوب. ونستذكر خصوصاً الشهداء الذين يمثلون أصدق نموذج للتضحية من أجل العلم، حيث تجلت قيم ومعاني العلم في دمائهم الزكية الطاهرة، فارتوى بها وزاد ارتفاعاً.
لقد جسدت احتفالية العلم كل القيم والمعاني التي يؤمن بها شعب الإمارات، لذلك فهو عنوان الوطن والشعب، وقصة ولاء وانتماء ورمز الهوية الوطنية، يروي حكاية وطن وانتماء شعب، لقيم الأصالة والخير والقوة، وهو الكتاب المفتوح الذي ننهل منه كل يوم طاقتنا، ونسجل فيه كل الإنجازات والبطولات.
هو علم الاتحاد والقوة، وعلم التعايش والتسامح والسعادة والإنسانية، ومثلما نستهدي بمعانيه، ونستظل تحت قوته، فإننا به ومن أجله نرخص الأرواح ونقدم الغالي والثمين ليظل يرفرف فوق رؤوسنا خفاقاً يمنحنا الأمن والسلام والرخاء.
وبقدر ما يجسد العلم طموحات وآمال شعب الإمارات، فإنه يمثل اليوم رافعة عالمية لنشر قيم الخير والتسامح والتعايش وقبول الغير عبر فرق الحق والإنسانية التي تجوب العالم من اليمن القريب إلى إغاثة البعيد في ميانمار وبنغلاديش إلى دول الكاريبي، إلى فلسطين والشام والعراق وأواسط إفريقيا وحتى أواسط أوروبا وغيرها وغيرها الكثير.
كل عام والإمارات عزيزة قوية بشعبها وقيادتها، كل عام والإمارات بخير، بلداً للرخاء والحكمة والسلام والتقدم والنماء، وكل يوم وعلمنا مرفوع.