الشرق والغرب في الإمارات

الشرق والغرب في الإمارات

الشرق والغرب في الإمارات

 تونس اليوم -

الشرق والغرب في الإمارات

بقلم : منى بوسمرة

وسط هذا العالم، بكل صراعاته وتناقضاته، تأتي الإمارات مختلفةً، عبر رسالتها، وواقعها الذي يجمع كل ما في الحضارات والأمم من قيم خيّرة وإبداعات وفنون وقيم إنسانية.

هذه هي الإمارات العربية، مثلما هي الدول الإقليمية، وذات الملامح العالمية، القادرة على أن تكون هي ذاتها، ولها هويتها، في الوقت الذي لا تناقض فيه هويتها شغفها الإنساني، وليس أدل على ذلك من كون الإمارات عنواناً للتسامح والتنوع الإنساني والانفتاح على الأمم، نرى ذلك في عيش مئات الجنسيات هنا، بكل ثقافاتهم الجميلة، في وطن يغنونه بهذا التنوع، مثلما يعطيهم أمناً وحياة كريمة ومستقبلاً.

حين تابعت حفل افتتاح متحف اللوفر، أمس، لم أجد تعبيراً مناسباً، إلا أن أقول إن الشرق والغرب يندمجان هنا، في هوية ثقافية إنسانية، ولم يحدث هذا الاندماج لولا أن هذه البلاد في الأساس إنسانية الروح والسمات، توحّد فيها الشرق والغرب قبل ذلك بكثير.

رؤساء دول، وملوك عرب، وزعماء وشخصيات، وأسماء وازنة، سياسية وثقافية، كانت في أبوظبي البارحة، كلها كانت تنظر إلى الإمارات بطريقة تقول إن الحدث ليس مجرد افتتاح متحف، بل رسالة عميقة، تأتي في ظل صراعات بين الأمم والأديان والشعوب، صراع الهويات، وحروب الكراهية، وإثارة التناقضات، ووسط هذا المشهد، تبرق الإمارات إلى العالم برقية من نوع مختلف، تقول إن علينا أن نزيل الفوارق التي تحض على الكراهية بين الأمم، ونجعل من الثقافة والفنون والإبداع لغة عالمية، تقارب بين الحضارات، تلك التي بادت، وتلك التي ما زالت في عالمنا هذا، وهي رسالتنا التي قيلت البارحة بأرقى الطرائق والوسائل.

صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، الذي افتتح المتحف، مع صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، يحض بشكل مباشر على أن تتحالف الحضارات، ويقول: «ندعو من هذا المنبر إلى تحالف الحضارات، ونعيش اليوم حضارة إنسانية عالمية مشتركة، يمثلها متحف اللوفر أبوظبي كرمز للتلاقي الفكري».

وفي السياق ذاته، أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن المتحف ضد من يريد تدمير الإنسانية، فهو يجسّد الجمال ويشع للعالم أجمع، لأنه الجمال الفني الذي يبني جسوراً بين الحضارات ويحارب الظلامية.

أهم ما في افتتاح اللوفر، أمس، وافتتاحه لاحقاً أمام الجمهور، في الحادي عشر من الشهر الحالي، هو وجود كل هذه القطع الفنية المنتمية إلى حضارات مختلفة في مكان واحد، إضافة إلى أن المتحف ثمرة تعاون إماراتي - فرنسي.

وهنا نقرأ الذكاء الإماراتي الحاد، من حيث الفكرة المبدعة، ومن حيث التوقيت، ومن حيث الرسالة والنتائج، وعلينا أن نتأمل فقط، تأثر مئات الآلاف سنوياً، عبر زيارة المتحف، بكل هذا التنوع الحضاري والثقافي تحت سقف واحد، بما يرفع منسوب الإنسانية في ضمير كل شخص، ويخفف الشعور بالعزلة، أو استعداء الحضارات الأخرى، وهذا الكلام ينطبق على العرب والأجانب، وعلى كل الأمم، وهي القيمة الإنسانية العظيمة ذاتها التي يدركها من يسافر كثيراً، ومن يلتقي بأفراد من شعوب أخرى، ويتأثر إيجاباً بكل قيمة إيجابية في أي شعب آخر في هذه الدنيا.

كل يوم، تبادر قيادتنا بمشروع جديد، والقيمة المشتركة بين كل المبادرات هي الأنسنة بما تعنيه هذه المفردة، من الانفتاح على الأمم، والتجسير بين الشعوب، وإزالة الفوارق المصنعة التي يوظّفها التطرف من أجل تكريس الكراهية بين هذه الشعوب، وقد دفع الإنسان في العالم ثمناً كبيراً بسبب محاولات اختطاف الإنسانية من مسارها الطبيعي والغريزي، نحو زوايا مظلمة تبدد كل فرص الحياة، وتجعل الموت شعارها بدلاً من النماء والتطور.

شعرت بفخر بالغ، أمس، لكوني إماراتية، ولكون بلادي تمثل نموذجاً مختلفاً في هذه الدنيا، وما زلت مصرّة على أن واجبنا، نحن البشر، يفرض علينا أن نقف معاً تعظيماً للحياة وجمالها وقيمها، وحق الإنسان فيها، في وجه كل التيارات التي تحارب الحياة. وبلا شك، إن أحد أبرز التناقضات التي يتم توظيفها الترويج لوجود تناقض بين الحضارات، أو بين الشرق والغرب، وهو ما قدمت الإمارات أدلة متواصلة على عدم صحته.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشرق والغرب في الإمارات الشرق والغرب في الإمارات



GMT 07:45 2021 الأحد ,05 كانون الأول / ديسمبر

الآباء والبنون

GMT 13:38 2020 الثلاثاء ,29 أيلول / سبتمبر

السفارة خرجت من العمارة

GMT 11:29 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

الإمارات ملتقى الأمم

GMT 13:23 2019 الأربعاء ,26 حزيران / يونيو

الإمارات صوت لسلام المنطقة

GMT 09:01 2019 الخميس ,13 حزيران / يونيو

الإمارات وألمانيا.. ثنائية السلام

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia