بقلم : منى بوسمرة
«قدر دبي أن تكون محطة بين الشرق والغرب، وبين الشمال والجنوب، وقدر دبي أن تكون مطار العالم وميناءه الرئيسي»، من تلك الكلمات للشيخ محمد بن راشد في وثيقة الخمسين التي أعلنها سموه مؤخراً تواصل دبي سيرها في أداء دوريها الوطني والعالمي والإثبات بالفعل والعمل أننا منطقة حضارة وتجارة.
بالأمس أعلنت جمارك دبي عن تجارة دبي الخارجية التي سجلت 1.3 تريليون درهم في 2018، واللافت في الرقم هو معاكسته للأرقام العالمية التي شهدت تباطؤاً بفعل الحروب التجارية وتقلبات أسعار العملات، حيث حافظت دبي على مستوى تجارتها رغم تلك الظروف بما يؤكد مرونتها في تحويل التحديات إلى فرص، وقدرتها على الاستفادة القصوى من كل المزايا التي تدعم توجهاتها، مثل مطارها الذي يربطها مع أكثر من 200 مدينة في العالم، وإدارتها 80 ميناءً حول العالم، إضافة إلى تكامل خدماتها اللوجستية التي تقدم أرقى وأفضل التسهيلات لحركة التجارة وانتقال البضائع بين زوايا العالم الأربع، لتكون دبي حلقة الربط الرئيسة والمنصة الأهم عالمياً في النقل وتسهيل حركة التجارة العالمية، ولتكون أيضاً في المسار الصحيح نحو محطتها التالية في بناء خط الحرير الخاص بها، كما حدد محمد بن راشد في المبادئ الثمانية ووثيقة الخمسين.
ولذلك يقول الشيخ حمدان بن محمد، المشرف على تنفيذ تلك المبادئ، إن الأداء القوي لقطاع التجارة الخارجية يعزز القدرة على ترجمة رؤية الشيخ محمد بن راشد وترسيخ مكانة دبي كعاصمة للاقتصاد ومحطة عالمية لخلق الفرص الاقتصادية وإقامة خط دبي للحرير ورسم الخارطة الاقتصادية الجغرافية للإمارة وإنشاء أول منطقة تجارية افتراضية في المنطقة تتوج الإنجازات التي حققتها دبي في تطوير التجارة الإلكترونية.
لذلك تبدو أرقام التجارة الخارجية علامة مضيئة على خط دبي للحرير، وغيرها من المبادرات، وهي تؤشر إلى أن لدى دبي من الرؤية والبدائل ما يمكّنها من التغلب على التحديات العالمية مثل تباطؤ النمو العالمي والحروب التجارية وسياسات الحمائية، بدليل النمو المتواصل لتجارة دبي منذ 10 سنوات بأكثر من 70% رغم الأزمات العالمية الاقتصادية.
التجارة كما في نهج دبي منذ 1833، روح الإمارة التي قامت عليها ونشأت وتوسّعت، ضمن رؤية تواصل بث تلك الروح في شرايين الاقتصاد، عبر أدوات تشريعية ولوجستية وعبر أدوات الابتكار والإبداع، بما يضمن لها الصعود أكثر على سلم التجارة العالمية.
ملخص القول أن دبي لا تعزز مركزها التجاري العالمي فقط، بل تعمل على تحقيق قفزات نوعية في هذا الإطار عبر سلسلة من الإجراءات والمبادرات التي تحفز الاستثمار في كل القطاعات التي تخدم جميعها في النهاية تجارة دبي، ولعلّ في كلمة محمد بن راشد في وثيقة الخمسين بأن الهدف أن يكون فتح شركة أسهل من فتح حساب بريد إلكتروني، هو عنوان كبير يلخص مرونة دبي في التكيف مع متطلبات العصر التي تقتضي تسهيل وتسريع الإجراءات بما يجعل بيئة الأعمال مثالية وإبداعية، وهي رسالة تحفيز للمستثمر والتاجر، وللمسؤول الحكومي بضرورة البحث الدائم عن التفوق في كل ما يخدم تجارة واقتصاد دبي؛ لأن ذلك يعني في المحصلة خلق الفرص وتنويع الاقتصاد، وتحسين حياة الناس ورغد العيش على أرض هذا الوطن.