بقلم - منى بوسمرة
تمتلك دولة الإمارات معياراً حقق لها تفوقاً بين الدول، وذلك من خلال قدرتها على أنسنة الأرقام وتطويعها لخدمة التنمية ورخاء الوطن والمواطن، وهي إذ تعلن عن الكلفة المالية لمبادراتها أو مشاريعها أو ميزانياتها، فإنها تذهب في اتجاه خدمة الناس، عبر جعل الرابط واضحاً ومحدداً بين ما وهبنا الله من مقدرات، وتسخيره لمصلحة المواطنين، وبهذا المعنى يكون الإنسان أولاً غاية وهدفاً.
يتضح ذلك بشكل كبير في إعلان مجلس الوزراء أمس اعتماد الميزانية الاتحادية للأعوام الثلاثة المقبلة، بقيمة 180 مليار درهم، دون عجز، ترجمة لتوجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، لتوفير الحياة الكريمة للمواطنين والمقيمين في دولة الإمارات، وصولاً لرؤية الإمارات 2021 وأهداف مئوية الإمارات، حيث توزعت اعتمادات الميزانية العامة للسنة المالية 2019 على القطاعات المختلفة، وحظيت القطاعات ذات العلاقة المباشرة بالمواطنين وخدماتهم بالنصيب الأكبر، فقد تم تخصيص 42.3% من ميزانية العام المقبل لرفد برامج التنمية المجتمعية، و17% للارتقاء بمنظومة التعليم، و7.3% لتطوير قطاع الصحة وتقديم أفضل الخدمات الطبية.
الرؤية واضحة بأن كل هذه المخصصات غايتها ليس التباهي بالرقم وضخامته، بقدر كونه دلالة على مكانة أبناء هذا الوطن، وتوظيف كل الموارد لأجل حياتهم الكريمة، ولتعزيز الرفاه والاستقرار وما يتعلق بمتطلبات حياتهم.
هذا الإعلان عن الميزانية الذي يأتي دون أي عجز مالي، يدل من جهة أخرى على قوة اقتصاد الدولة، وعلى أن المستقبل ليس واعداً وحسب بل سيبقى مزدهراً بما تعنيه الكلمة، في ظل عالم يتعرض إلى تغيرات واسعة، لتقدم نموذجاً لقدرتها على التغلب على التحديات وعلى تفوقها الدائم، ومن خلال رفع الإنفاق على الخدمات المقدمة لمواطنيها، مسخرة من أجل ذلك كل الموارد والثروات، في دلالة على عمق بصيرة التخطيط، ومتانة الأسس التي تستند إليها الدولة في إدارتها لشؤون الشعب.
أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، عن اعتماد الميزانية: «ترأست اجتماعاً لمجلس الوزراء أقررنا خلاله ميزانية اتحادية بقيمة 180 مليار درهم للأعوام الثلاثة المقبلة، المواطن على رأس أولوياتنا، وخصصنا الجزء الأكبر من الميزانية لضمان رخائه وصحته وتعليمه وأمنه، لدينا مهام مستجدة، ولدينا رؤية متجددة، ولدى الشعب تطلعات مستقبلية، ولا عذر اليوم للوزراء والمديرين في تنفيذ استراتيجياتهم لتحقيق رؤية الإمارات 2021».
في كلام سموه توجيه مباشر للمسؤولين من مستويات مختلفة، لتنفيذ المهام الموكلة إليهم واستراتيجيات مؤسساتهم، وأن لا عذر لأحد بعد هذه الميزانية الكبيرة التي تغطي كل القطاعات؛ لأن المواطن هو رأس الأولويات، كما أن للشعب تطلعاته التي يرنو إليها، ويريد تحقيقها من أجل حاضره ومستقبله.
إن أهم رسالة تصل اليوم، بكل وضوح إلى كل مواطن ومواطنة، وإلى المقيمين وإلى دول المنطقة والعالم، أن الإمارات راسخة قوية وستبقى كذلك، بحكمة قيادتها ونجاح مؤسساتها وولاء شعبها.