أسامة الرنتيسي
حمى الله بلادنا من الشرور والفتن، وأدام الله علينا نعمة الأمن والاستقرار والسلام. انتهت الساعات التي ضغطت فيها الأحداث على أعصاب الأردنيين، وبات الأمر بعد البيان الحكومي في يد القضاء إذ تم تحويل القضية إلى المحاكم. منذ بيان وكالة الأنباء الأردنية “بترا” المقتضب في سطر واحد، في الساعة الثامنة تقريبا من مساء السبت، عاش الأردنيون على وقع أحداث لم يعهدوها، الجميع تمسمروا أمام شاشات التلفزة، في انتظار ما يشفي الغليل، في ظل فيضان الأقاويل والإشاعات في وسائل التواصل الاجتماعي.
بيان عسكري بعد ساعات، أعطى معلومات جديدة، لكنها لم تشف غليل الأردنيين، الذين يريدون الرواية كاملة، رافق ذلك فيديو مصور للأمير حمزة زاد قلق وإضطراب المشهد أكثر وأكثر.
فتحت الفضائيتان الجزيرة والعربية وغيرهما البث الحي لتغطية الحدث، استضافتا عديد المسؤولين السابقين والزملاء الإعلاميين والمحللين، لكن مجمل التحليلات لا تحمل جديدا، وإنما في معظمها استدارات حول السؤال، والهروب بانتظار المعلومات الرسمية.
شخصيا؛ وبتواضع شديد، طلبتني فضائيتان للتعليق، اعتذرت فورا لأني لا أمتلك أية معلومات أستطيع إفادة المستمعين، ولست من هواة التعليق من أجل التعليق والظهور.
لست قاسيا إذا قلت إنني تابعت معظم الاتصالات والحوارات في عديد المحطات، لم أشعر أن أكثر من عدد أصابع اليد ممن تمت استضافتهم من الأعزاء قدموا شيئا يمكن الاستماع له.
طبعا؛ لا أشكك في أمنيات الدعوات لحماية الوطن والعرش التي ركزت عليها معظم الآراء وهذا لوحده شيء إيجابي في ظل ظرف صعب، لكن كدرس في الإعلام من لا يمتلك معلومة تفيد الحديث في القضية فليس من المفيد أن يخرج للإعلام، بل قد يكون حديثه ضارا لا نافعا.
استمعت لمسؤول حكومي وبرلماني ومستشار سابق مكث على فضائية الجزيرة أكثر من ساعة، وتمت استضافته في أكثر من برنامج، بالله العظيم لم يقدم سطرا ولا جملة مفيدة، وبقي يدور حول أسئلة المذيعين بشكل مزعج كثيرا، حتى حزنت عليه وعلينا، وعلى المستوى السياسي التي يتمتع به بعض المسؤولين.
طبعا؛ يتحمل كامل المسؤولية في هذا الوضع الضبابي غياب المعلومات عن المواطنين، قد يكون التأخر في هكذا أحداث مستوعبا، لكن الغياب التام لمحطات التلفزة المحلية زادت الطين بِلّةً حيث تركت الساحة للفضائيات العربية، وحاولت في اليوم الثاني بعد البيان الحكومي معالجة الأمر باستضافة معلقين على ما جاء في البيان الرسمي.
أما البيان الرسمي فقد إختلفت الاراء حوله، وهو بكل الاحوال فتح أسئلة كثيرة ولم يشبع نهم المنتظرين، وبقي في العموميات، بإنتظار إستكمال التحقيقات مثلما قال الوزير السياسي والاعلامي أيمن الصفدي.
هل نقول طوي الملف الآن، أم أن القضية كبيرة مثلما يقول الكاتب المطلع الصديق فهد الخيطان ” المعلومات المتوفرة لدى صانع القرار، هائلة وخطيرة وصادمة، قد لا تتوفر الظروف للكشف عنها كاملة لاعتبارات أمنية وسياسية، لكن جانبا غير قليل منها سيكون متاحا للرأي العام”.
ها نحن ننتظر، مع الدعوات مرة أخرى أن يحمي الله بلادنا وشعبنا والعرش من كل شرور وفتن.
الدايم الله….