بقلم - أسامة الرنتيسي
بكل عفوية، وبحكم عامل السن، يجلس رئيس الديوان المَلِكي يوسف العيسوي على ركبتيه – في لواء الوسطية خلال جولة تفقدية لمتابعة تنفيذ المبادرات المَلِكية – قريبا من طفلة تعاني من إعاقة تحتضنها والدتها فتتحول الصورة إلى قصة طويلة عريضة في وسائل التواصل الاجتماعي، ومواقع إلكترونية.
يحمل وزير العدل عوض أبو جراد ملفات داخل مبنى الوزارة لينقلها مع الموظفين إلى المستودعات، فيتم التقاط صورة له، بترتيب أو من دون ترتيب، فتنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي، وسط هجوم عنيف بأن هذه ليست من مهمات الوزير.
يتوجه رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز إلى قاع المدينة ويزور كشك حسن ابو علي كعادة يمارسها قبل الرئاسة وبعدها، فيتحول فيديو الاستقبال إلى فتح جديد في دعم الثقافة والمثقفين.
يدعو مدير مخفر وسط المدينة المقابل لكشك أبي علي، رئيس الوزراء لشرب القهوة في المخفر، فيستجيب الرئيس بعفوية، ويرفض الجلوس على مقعد مدير المخفر، فتتحول الصورة والحدث إلى قصة طويلة عريضة، وصلت إلى حد أن الرئيس يكسر أعرافا عسكرية وأمنية.
يشاهد رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز في فيديو وهو يشارك في دِحيّة زفة عريس كأي إنسان مدعو إلى مناسبة اجتماعية، فتنهال عليه سيوف النقد والتجريح، وكأنه ممنوع عليه أن يغني ويفرح ويدحّي.
تفيض وسائل التواصل الاجتماعي بمنشور ينقل عن بطل قصة الدخان عوني مطيع أنه يهدد بنشر فيديوهات إباحية “فاصخة” لمسؤولين كبار جدا ونواب إن لم يُترك وشأنه، فينبري أشخاص “سفلة” بشماتة حقيرة الادعاء أن بعض الأسماء وصلتهم، وأخذ القضية إلى ساحات أخرى، مع أن الجميع يعرفون أن هذه أكاذيب وافتراءات.
ما الذي يحدث في وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الحديث، لِمَ كل هذا التسطيح والتسخيف والتخريب، والدق على موضوعات صغيرة، وتضخيمها، وترك الملفات الكبرى من دون سبر أغوارها.!
هل صحيح أن تافهًا إسرائيليًا يُدعى ايدي كوهين هو صانع الأخبار والإشاعات في الأردن، وأن هناك فريقًا يتلقط الأخبار منه، ويروجها على أنها حقائق.
ستبقى الإشاعات والتسطيح واغتيال الشخصية واللغة غير الأخلاقية ديدن معظم منشورات وسائل التواصل الاجتماعي حتى يصل المتحمسون لها (أنا واحد منهم) إلى الكفر بها والمطالبة بضبط هذه الوسائل بكل الطرق، وزيادة أسعار خدمة الإنترنت، حتى يشعر الإنسان أن كلفا مالية سيدفعها من خلال جلوسه لساعات الليل والنهار أمام اللابتوب او حاملا هاتفًا ذكيًا يفرم عباد الله.
الدايم الله…..